علي النجار يقيم متحف (دالارناس) السويدي معرضا استعاديا للفنان العراقي ـ السويدي(مظهر احمد). المعرض تحت عنوان(مظهر احمد استعادة خمس وثلاثين عاما). اعتقد ان هذا الحدث هو بالتأكيد حدث استثنائي بالنسبة لفنان عراقي اجتهد كثيرا ليستحقه.
هو في الوقت نفسه ايضا حدث استثنائي بالنسبة لتاريخ الفن التشكيلي الكرافيكي العراقي، لما تحمله اعمال الفنان الكرافيكية(وهي التي ابتنت عليها كل تنويعات الفنان التشكيلية بموادها المختلفة، وحتى الجاهزة منها) من سمات عالمية اهلتها لاحتلال المراكز الاولى في اكثر من عرض كرافيكي عالمي. في كل نتاجه لم يغفل، لا، مزاج ولا احلام ذلك الطفل الذي نما وترعرع في محلة الفضل من بغداد. وان كان شغله الشاغل هو كيفية التوفيق مابين ارث مدني طفولي نأت أزمنته، وارث خطي تشكيلي خطي مشرقي، وحراك تشكيلي محلي ودولي لعقود ما بعد الحداثة السياسية المتصابية. وان وجد نفسه وسط كل ذلك بكامل اختياره. فقد جمع كامل الخطوط الايحائية التي ساعدت بحثه الفني الدؤوب على ربطها بإحكام، ولينتج لنا اعمالا بمثل ما تحمل من صرامة سطوحها وليونة وصرامة خطوطها ،عوالم تكشف المخبوء من ذواتنا تحت طبقات وعيها المزيف. اجسادا لم تجد سوى احيازها فعلا وجوديا تتصارعه كينونة دواخله وعوالم الخارج المتشظية. وليس سوى التشظي والتخفي والعلن المحكوم بخفائه من وسائل تحفظ لاعماله ميزتها الفريدة التي توازي كل هذا الصراع الخفي.لقد عمل الفنان على حيازة استثنائيته بمجهود فردي صقله حس الاستكشاف التجريبي بأدوات مناسبة.تجعل التجربة عملا ناجزا وفريدا. لقد اشتغل باستمرار على تطوير، أو تثقيف إمكاناته الذهنية التحويلية للحد الذي طاوعته كل المواد والأدوات التنفيذية الإجرائية، ولينتج لنا مشهدية تشكيلية متحركة، لكنها لا تفقد صلة وصل، سواء كانت خفية أم مباشرة، بمنجز هذا الفنان. ولم تفقد صلتها أيضا بالمنجز التشكيلي العالمي المعاصر في نفس الوقت. وحينما أراد ناقد الفن الويلزي(ريتشارد نوير) أن يؤلف كتابا عن الكرافك العالمي المعاصر، اختار مظهر احمد مع فنانين اخرين، ولم يكتف بذلك، بل اختار احد أعماله الكرافيكية ليزين به غلاف كتلوك ترينالي كراكوف لعام(2004). هذا الكتاب، أو كما اعتقده الوثيقة الفنية، اعتمدها مظهر حافزا لتحقيق انجاز فني عالمي. لذلك اشتغل بدأب على إقناع الجهات الثقافية السويدية المحلية لإقامة عرض ترينالي للكرافيك في المدينة التي يقطنها. وبعلاقاته بالوسط الفني العالمي والمحلي، استطاع تحقيق هذا العرض الذي توزعته عدة قاعات عروضا فنية، ومنها المتحف الذي سوف يحتضن عرض مظهر الاستعادي. وكان حدثا فنيا مهما.استلم مظهر مسؤولية إدارة مشغل مدينة فالون السويدية للكرافيك في عام(1992)، وسعى لتوسيعه وتطويره باستمرار ليشمل في دوراته كل من الفنانين المحترفين من السويد ومن خارجه، إضافة للشباب والهواة. ولتشمل الدراسة او التدريب المهني فيه على الطباعة الكرافيكية التقليدية وتقنيات الفوتو والدجتال، مع ما ابتكره من تقنيات المواد غير السامة، التي استحق عليها الجائزة الكرافيكية السويدية المحلية المهمة(نوبل). إضافة الى كل ذلك جهوده المثمرة لإقامة العروض الفنية العالمية في مدينته(فالون). لقد حقق بجهده وبمساعدة الجهات الثقافية أكثر من عرض فني دوري. وأنا بحوزتي ثلاثة كتالوكات لهذه العروض. فبالإضافة إلى عرض ترينالي الكرافك العالمي(2007)، كتلوك عرض ترينالي(طباعات من البلطيق)، وترينالي الملصق البولوني. كل هذه الكتلوكات من تصميميه وطباعته. بكل هذا النشاط الذي كرسه لمنجزه الشخصي وللآخرين، اعتقدني لا أجانب الصواب إذا اعتبرت مظهر فنان عضوي( مثلما ذهب كرامشي في مصطلحه عن المثقف العضوي).لقد دعا مدير ترينالي كراكوف البولوني(من الترينالات العالمية المهمة في الكرافيك) قبل عام لزيارة مدينة فالون حيث يعمل الفنان مظهر وبمبادرة منه، للتباحث مع المسؤولين، وتم عقد اتفاقية بربط السويد وكراكوف في الدنبورك الالمانية وفالون وفينا ومركز بينالي كراموف، وبهذا شمل العرض هذه المدن الأوروبية الاربعة. وهذا انجاز مهم يحسب للفنان مطهر ايضا. وان دل على شيء، فإنما يدل على ما يتمتع به من سمعة مهنية طيبة في الوسط الفني العالمي.حصدت أعمال مظهر الكرافيكية العديد من الجوائز لعالمية المهمة، من خلال مشاركاته النوعية في العروض العالمية التي اقيمت في العواصم العالمية العريقة في هذا الفن التشكيلي. وهو بذلك حاز الاعتراف بأهمية قيمة منجزه الفني، ضمن الحاضن الفني العالمي الواسع. مع كل هذه الانجازات المهمة. وبالرغم من انه بنى منجزه خارج العراق. إلا أن معظم مساهماته المهمة يفضلها باسم العراق. ولم يغب العراق عن ذهنه ووجدانه. وكأي عراقي تمزقه حيرة أسئلة المأزق العراقي الحالي، فانه صنع عدة بوسترات برقية تنتقد سوء الوضع والإدارة السياسية وما خلفته من انتهاكات لا يمكن السكوت عنها. بالرغم من ان خطاب مظهر الفني، هو خطاب عالمي. لكن هناك أوقات لا يستطيع الفنان فيها غض النظر عما يدور حوله. وان فقدنا بوصلتنا الجغرافية الوطنية، إلا أن ثمة سهما يشك
دالارناس السويدي يحتفي بالعرض الاستعادي للفنان العراقي العالمي مظهر احمد
نشر في: 22 يناير, 2012: 06:42 م