TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > جيفارا وهوشي منّه والشيخ فرحان الساعدي!

جيفارا وهوشي منّه والشيخ فرحان الساعدي!

نشر في: 22 يناير, 2012: 07:41 م

كريم عبدلا أشكّ بسريرة الشيخ فرحان الساعدي ولا بطيبة قلبه، لكنَّ الطيبة والسريرة لا تكفيان عندما يتصدى المرء لقضايا الفكر والتاريخ عبر فضائيات تخاطب ملايين المشاهدين.في رمضان الماضي، تحدث الساعدي عبر (الفيحاء) عن فلسطينيين مؤيدين لصدام حسين ليختم كلامه (من لا يبكي عليَّ لا أبكي عليه)!
 وهذا رد فعل سلبي غير متوقع من أستاذ في (الحوزة العلمية)! إذ واجبه تبيان السبب والخلفيات، وهي إن صدّام حسين أنفق أموالاً طائلة على الإعلام وشراء الذمم في عملية غسل دماغ جماعية للجمهور العربي، ومثلما كان له مرتزقة عراقيون بعضهم في مجلس النواب الآن! كان له مرتزقة وأتباع في البلدان العربية أيضاً، وكانت مهمة هؤلاء تحويل مجرم عادي مثل صدّام إلى بطل قومي وقد نجحوا. وواجبنا هو تبيان الحقائق لهذا الجمهور المُضلَّل، وليس التصرف بردّات فعل عاطفية تجعل الديكتاتور ينتصر علينا في حياته وبعد مماته!! إن إيضاح الحقائق يَحول دون ترسيخ الأكاذيب وتكرارها، فقبل سنوات صرح المرحوم (أمين الصندوق الفلسطيني) لفضائية (العربية) إن "صدام حسين أشترى الشعب الفلسطيني بمئة وخمسين مليون دولار" وهو يقصد بعض الفلسطينيين، لأن بعضهم الآخر له مواقف مشرّفة دفع ثمنها غالياً، فخلال احتلال الكويت أشاع البعثيون إن "احتلال الكويت هو المقدمة لتحرير فلسطين" فرد عليهم صلاح خلف (أبو إياد) في حديث مع إذاعة مونت كارلو حينها "إذا كان ثمن تحرير فلسطين هو احتلال بلد عربي آخر وتشريد شعبه، فأنا أرفض هذا التحرير" بعد أيام حرّك صدام جلاوزته فقتلوا صلاح خلف أحد أهم قادة الثورة الفلسطينية. وخلال سنوات الحصار الأولى طالب ياسر عبد ربه صدام حسين بالاستقالة إنقاذاً للشعب العراقي، عبر رسالة نشرتها صحف عربية آنذاك، وهذه مواقف لم يجرؤ عليها أي مسؤول عربي، وهي تمثل قطاعات واسعة من الفلسطينيين، فالتضليل مهما اتسع يبقى حالة مؤقتة تعتمد على طريقة تعاملنا معه. والواقع إن الفلسطينيين تعرضوا لمقلب تاريخي خطير ولم يجدوا من يقف معهم فعلاً وهم يرون وطنهم يضيع وتضحياتهم الهائلة تضيع أيضاً، وعليه فهم يعانون شعوراً قاسياً بالخذلان، ولذلك يمكن تضليلهم من قبل أي حاكم عربي يقف معهم لبعض الوقت! ولأنهم شعب مظلوم ولأن إسرائيل عدو مشترك، أي كلما زادت مساحة إسرائيل متراً نقصت مساحة بلد عربي متراً، ومقابل سياستها التوسعية وعدوانيتها، علينا أن نكون مع الفلسطينيين حتى لو أخطأوا بحقنا، إلى أن نُبيّن لهم الحقيقة. وبالنسبة للساعدي يصبح الأمر واجباً لأن (الدين النصيحة) ومن هو أجدر بالنصيحة من شعب مظلوم؟وخلال برنامجه في فضائية (الفرات) 31-12-2011 تطرق الساعدي لأمور كثيرة، ومنها تاريخ التجاذبات السعودية مع المحيط العربي، وهو تاريخ مكتوب يمكن تقليب صفحاته بسلبياته وإيجابياته رغم اعتقاد كثيرين بعدم وجود أية إيجابيات في تاريخ السعودية، وهذا تصور ينسجم مع عواطفنا المجروحة من الوهابيين، لكنه يتناقض مع منطق الحياة، إذ لا توجد ظاهرة تقتصر على خير مطلق أو شر مطلق. ولنقارن تجربتنا بالتجربة السعودية: الدولتان تأسّستا في وقت متقارب. تعقيدات تأسيس السعودية كانت أكبر بما لا يقاس من تعقيدات إعلان الدولة العراقية. ومستوى الاستعداد للتطوّر في المجتمع العراقي كان أكبر بكثير من مثيله في مجتمع نجد والحجاز. وبعد ما يقارب القرن على التأسيس ما هي النتيجة؟ وكيف يمكن أن نقارن أوضاع العراق الراهنة وتفككه وخرابه بوحدة السعودية وتطورها ومكانتها الدولية؟ ولو قارنا حالها قبل خمسين سنة بحالها الآن، لاكتشفنا حجم التطور الحاصل فعلاً. وكل هذا يعني إن هناك إيجابيات إلى جانب السلبيات. وأهم الإيجابيات هو إن هذا التطور الحضاري هو الكفيل بالقضاء تدريجياً على الفكر التكفيري. فالتفاوت الطبقي هو الذي يحوّل الكفاح المطلبي إلى ثقافة حقوقية بينما اتساع الطبقة الوسطى يجلب معه أفكاراً وظواهر جديدة، ومن هذا وذاك تتشكل ثقافة مختلفة تنتمي للحياة والتجدّد تحلُّ بالتدريج محل ثقافة التكفير الموحشة.    ولكن ماذا عن العراق؟ إلى أين أوصلتنا الديكتاتورية وإلى أين ستقودنا ثقافة اللطم والتطبير؟ وهل استشهد الحسين من أجل العدالة أم لكي نظل ننوح عليه إلى أبد الدهر؟ وما جدوى هذه الطقوس إذا كان الباطل يخيم علينا باسم الدين؟ منذ ثماني سنوات تحكمنا أحزاب دينية فماذا كانت النتيجة؟ فساد ونهب للمال العام وتعطيل مقصود للصناعة والزراعة، مشاريع وهمية وشهادات مزورة وأكاذيب وخمسة ملايين أرملة ويتيم عرضة للانتهاك والحرمان والابتزاز، وكل هذا يناقض الإسلام تماماً! ولو أخذنا السلبيات والفضائح التي عدّدها السيد أحمد الصافي (وكيل المرجعية في كربلاء) في الجمعة الثالثة من الشهر الأخير 2011، فهي تضعنا أمام مأزق الحكم وجهاً لوجه. فهل السعودية مسؤولة عن الفساد وانعدام الخدمات وتعطيل الكهرباء بالعراق؟ ألم يخلق شيوع الفساد وانعدام الخدمات مناخاً مشجعاً للعنف والإرهاب؟ إننا بدل التفتيش عن سلبيات في تاريخ الآخرين، يجب أن نفتش عنها في عقولنا وأيدينا، أي في ثقافتنا وتصرفاتنا. أليس من باب أولى أن نتساءل عمن يهرّب الإرهابيين من السجون بدل ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram