TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > شطّ العرب.. الرمزية والواقع المتردّي!

شطّ العرب.. الرمزية والواقع المتردّي!

نشر في: 24 يناير, 2012: 07:17 م

د. حسن الجنابي1 - 2تتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في منطقة شط العرب منذ حرب الخليج الأولى مرورا بالحروب المتتالية وانتهاء بالسيطرة الكاملة على الإيرادات المائية نتيجة بناء السدود والمنشآت في الأجزاء العليا لشبكة الأنهار المغذية للشط،
ويتداول الإعلام الوطني أخبارا وتصريحات محزنة عن واقع المنطقة التي كانت حتى وقت قريب رمزا للخصوبة والمياه الوفيرة والجمال والثروة والانفتاح على العالم الفسيح باعتبارها رئة العراق وإطلالته على البحر وتفاعله مع الحضارات البشرية المتنوعة منذ فجر بزوغها.rnنهر يجري شمالاً وجنوباً:إن شط العرب هو مجرى مائيّ من نوع فريد لأنه وعلى العكس من كل الأنهار الأخرى يجري باتجاهين متعارضين شمالا وجنوبا بنفس اليوم وهو نهر بلا منابع!. وان كان لابد من منابع لأي نهر، فمنابع شط العرب هي منابع الأنهار الكبرى التي يتشكل منها هذا المجرى العظيم وهي نهرا الفرات ودجلة اللذان ينبعان في تركيا ونهرا الكرخة والكارون وتقع منابعهما في إيران بالإضافة إلى روافد دائمية أو موسمية أخرى تصب بالنتيجة بواحد من تلك الأنهار. يصب نهر الكارون مباشرة بشط العرب إلى الجنوب من مدينة البصرة بحوالي 25 كم، أما أنهار الفرات ودجلة والكرخة فهي تصب في نهاية المطاف في شط العرب شمال البصرة ولكن عن طريق الأهوار العراقية، حيث يتشكل منها تكوين مائي أكثر فرادة، كنظام لمسطحات مائية ومقاصب ومستوطنات بشرية وسلسلة هائلة من الأحياء والنباتات المائية، تشكل بدورها حلقات مترابطة لدورة كاملة للحياة، بالإضافة إلى كونها حاضنة رئيسية للتنوع الأحيائي في بيئة مائية مجاورة لأشد مناطق العالم جفافا وهما الربع الخالي والصحراء الكبرى.يمثل شط العرب الجزء الجنوبي لذلك النظام المائي الهائل الذي يتشكل من الأنهار الأربعة المذكورة من المنابع حتى المصب. فالمعروف بأن للأنهار منابع متعددة ولكنها تتدفق دائما نحو مصب واحد، وشط العرب هو ذلك المصب والمنفذ الذي يجمع وينظم حركة تلك المياه، في شحتها أو فيضانها، ويحدد علاقتها التفاعلية مع مياه البحر المالحة في حالتي المد والجزر، فيجري شمالا أثناء المد وجنوبا أثناء الجزر.rnرمزية الشطّ ووظائفه الملموسة:إذا ما وضعنا جانبا قضية السيادة الوطنية على شط العرب والحدود الدولية، وهي قضية حساسة، وتدير ملفها جهات حكومية أخرى بحكم اختصاصها، فبالإضافة إلى الرمزية العالية لشط العرب في وجدان البصريين والعراقيين، تأريخا وتجارة وإبداعا وشعرا وانفتاحا وما شاكل ذلك، يمكن القول بأن لشط العرب - مائيا- مهمتين رئيسيتين: أولاهما كونه ممرا مائيا مهما لأغراض الملاحة والنقل النهري والبحري وما يرتبط بذلك من السياحة والترفيه، وثانيهما هو أن شط العرب يمثل المصدر الرئيسي لمياه الشرب وللفلاحة وصيد الأسماك وغير ذلك مما يتطلب مياهاً عذبة اعتاد السكان عليها منذ بدء الوجود البشري على تلك البقعة من الأرض. بالنسبة للوظيفة الأولى، فإنها وإن تراجعت كثيرا وتدهورت بسبب الحروب وما خلفته من غوارق وتدمير وإهمال، إلا انه يمكن استعادتها لأن ظاهرة المد البحري تضمن وجود المياه في مجرى الشط باستمرار، وكذلك يمكن القيام بأعمال تنظيف مجرى شط العرب من الغوارق وتعميق مقطعه وتحسين وصيانة ضفافه، بل تعميق وتأهيل القنوات المرتبطة به على الجانبين وخاصة قنوات مدينة البصرة الستة على يمين الشط وهي السراجي والخورة والعشار والخندق والروباط والجبيلة، التي تكوّن مع الشط شبكة مائية متصلة تصلح للاستخدام في النقل والترفيه وغيرذلك مما يجلب للمدينة رونقها وأناقتها وحيويتها المفقودة نتيجة الحروب والإهمال، ويحقق فيها تنمية اقتصادية واجتماعية هي في أمسّ الحاجة إليها، وستحاكي البصرة عند ذاك على الأقل مدينة أمستردام المشهورة بقنواتها الكثيرة بعد أن فقدت لقبها الرومانسي "فينسيا الشرق".أما بالنسبة للوظيفة الثانية فإن عذوبة مياه الشط هي التي ساعدت على الاحتفاظ بخصوبة التربة وبغابات النخيل المليونية والحقول والبساتين المزدهرة على الضفتين والمساحات الخضر في الأماكن العامة والبيوت والمزارع وغيرها. ومن الواضح إن كارثة كبرى قد حلت بهذه الوظيفة وانعكست بإفقار شامل لفئات سكانية كبيرة نتيجة تحطيم البيئة النهرية الطبيعية لشط العرب ومحيطه الجغرافي، وخاصة تدمير خصوبة التربة وغابات النخيل وتراجع الثروة السمكية وصعود المد المالح في الشط وانعدام مياه الشرب في المدن والقرى، مما أسفر عن توقف النشاط الاقتصادي بشكله المعروف تاريخيا. لقد وصل الحد بالنظام السابق ونتيجة للتدهور الذي حلّ بالشط نتيجة الحروب والتعسف إلى الترويج لفكرة الاستغناء عن شط العرب والاستعاضة عنه بقناة "شط البصرة" في محاولة جاهلة لمنع استفادة إيران من شط العرب بعد التنازل المهين عن السيادة على نصف الشط لصالحها بدءاً من الضفة اليسرى للشط التي كانت تمثل الحدود السياسية بين البلدين لعدة قرون وحتى المجرى العميق في منتصف النهر وذلك في عام 1975. أما قناة "شط البصرة" فهي قناة كبيرة منجزة تقع إلى الغرب من المدينة وتصل بين كرمة علي والجزء السفلي من قناة "المصب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram