TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > رُباعيات: عراق يعاني التوحّد!

رُباعيات: عراق يعاني التوحّد!

نشر في: 24 يناير, 2012: 07:18 م

 ناصر الحجاجيبدو العراق اليوم بلا أصدقاء. لا أحد يقف إلى جانبه حتى إيران التي كانت تُعامل من كانوا يمثلون المعارضة العراقية كابن مدلل، وتعامل نظام صدام حسين بكثير من الديبلوماسية بعد نهاية حرب الثماني سنوات، لا يمكن اليوم لمن في الدولة العراقية أن يعتمدوا عليها، أو أن يستعينوا بها، فإيران اليوم مشغولة بهمّها مع دول أخرى تؤثر على مصيرها بما لا يقارن بأهمية الدولة العراقية.
ما الذي تغيّر إذاً؟ العراقيون الذين تهبط بهم الطائرات في مطارات دول العالم يعرفون الفرق في وجوه مستقبليهم حين يمهرون جوازات سفرهم بسمة الدخول. يهبط العراقيون في عمان أو الرياض أو في بيروت فيقارنون بين استقبال الآخرين لهم حين كان صدام رئيسا للعراق، واستقبالهم البارد الرتيب اليوم. اختفت الابتسامة التي كانت ترتسم على عيون المضيفات في الطائرة، وعلى وجوه موظفي الكمارك في المطار حين كان العراقي يسافر. كان كل دينار عراقي يضع ثلاثة دولارات أمريكية في جيبه، واليوم ينزعج الدولار الأمريكي من أن يساويه الصراف بـ 1200 دينار عراقي. لا أظن أن سمعة العراقي مرتبطة بقيمة الدينار! قيمة كل مواطن بقيمة دولته؛ قوته، سمعته، واحترام الآخرين له خارج بلاده! وإذ يقارن المرء بقرينه، تبدو الدول بعلاقاتها الدولية، بأصدقائها، ودولة العراقيين بلا أصدقاء. فهل يمكن أن نقول أننا نعيش في بلاد ميتة، إذ ليس للموتى صديق .. إلا التراب وبعض الكائنات الخالدة التي لا تراها أعيينا حتى يعبئ كأسها تراب المقابر! وبعض الذين يشاركون في إدارة الدولة (وصناعة سمعتها) يتصرفون ببلاهة مخجلة لا نظير لها، دون أن يعيروا أي اهتمام لما حولنا ومَن حولنا من دول العالم وشعوبه وكأن العراق هو العالم كله. يخرج بعضهم بشكل شبه يومي على شاشة التلفزيون بملابس نشاز أحجامها وتصميمها وألوانها، دون أن يعرف أن سمعة البلدان قد ترسمها صورة أبنائها على القنوات الفضائية! فلنشكر الله أن الآخرين يمتلكون من الذوق ما يمنعهم من أن يرسموا صورا كاريكاتيرية لبعض (سياسيي) العراق وبعض (إعلامييه) بأشكالهم وهيئاتهم المثيرة للضحك والشفقة في آن معاً. ولعلهم حين يرون بشاعتهم على صفحات جرائد الآخرين سيحرضون الشارع العراقي على الخروج في تظاهرات تندد بصور الكاريكاتير التي تستهدف (الرموز الوطنية)، أليس هذا ديدنهم؟! فلنعترف بأن العراق اليوم يفرض حصارا على نفسه، إنه بلا أصدقاء، وإنه بحاجة إلى أصدقاء، أنه يعاني  مرض التوحد الذي يصيب الأطفال الصغار فيعزلهم عن محيطهم، ويمنعهم من اللعب والتواصل مع أقرانهم. ولنعترف بأن السنوات الماضية التي تلت عام 2003 كانت سنوات هذا الطفل المسمى العراق (الجديد)، الطفل العراق العاجز عن التواصل مع نفسه، ومع محيطه الإقليمي والدولي، ولنحاول دفعه لكي يهتم بمظهره، ويحسن من أدائه ويعبر عن نفسه بطلاقة دون عقد الخوف والارتياب والنقص، والمؤامرة. مهمة من يتصدون لحمل اسم العراق أن يعملوا على اكتساب أصدقاء للعراق كدولة (ذات سيادة). ولكنهم قرابة 9 سنوات انشغلوا بأشياء أساءت لسمعة بلادهم وعزلتهم عن أقرب المقربين لهم. حتى بات على كل عراقي أن يعمل جاهدا ليرمم التشوه الذي أحدثه أولئك (السياسيون) في ملامح صورة العراق. لقد قتلت سياساتهم علاقاتنا الدولية فبتنا في جزيرة نائية عن العالم كله. وسواء أكنت أيها العراقي مسافراً يحمل جواز سفرك شعار العراق، أو كنت رياضيا تحمل على صدرك علم العراق، .. سواء أكنت صحفياً يقرأ مقالك الآخرون، أو كنت مدوناً سطورك على صفحات الفيس بوك.. فلتكن سمعة العراق دائما أمام عينيك .. فبلدك دون أصدقاء، بلدك يعاني التوحّد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram