علاء حسن درجات الحرارة في الأيام الماضية سجلت انخفاضا ملحوظا ، وبحسابات المتخصصين بالأنواء الجوية ،فإنهم عزو الأسباب إلى تأثر العراق بموجة برد اجتاحت تركيا ، وامتدت جنوبا لتجعل العراقيين يستنفرون طاقاتهم في البحث عن النفط ، لأنهم لم يكونوا مستعدين لمواجهة المفاجأة ، خصوصا إن فصل الشتاء ومنذ سنوات لم يكن يشهد انخفاضا شديدا في درجات الحرارة .
موجة البرد القادمة من تركيا سبقتها مواقف من مسؤوليها ، وصفتها بغداد بأنها تدخّل سافر في الشأن العرا قي ، فاتّهم بعض السياسيين أنقرة بمحاولة إعادة الوصاية العثمانية على البلاد ، ولهجة الاتهام ذكرتنا بالتهديد الذي طال دمشق بعد تنفيذ حوادث تفجير مبنى وزارتي الخارجية والمالية ، وطالب العراق وقتذاك الأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية لمعاقبة سوريا لاحتضاتها قيادات بعثية ، تقف وراء دعم وتمويل تنظيمات إرهابية ، وبعد حصول التقارب الرسمي العراقي السوري تم نسيان الملف بعد إعلان دمشق دعمها اللامحدود للحكومة المنتخبة برئاسة نوري المالكي ، فتقاربت المواقف واختلط الدبس والسمن ، حتى أعلنت بغداد تنديدها بمؤامرة الإطاحة بالنظام السوري .يمكن القول إن رد الفعل التركي تجاه الموقف العراقي كان بموجة البرد العابرة لأيام ثم تنتهي ، وهي أي تركيا لم تلوح حتى الآن بقطع المياه عن العراق ، على الرغم من أن هذا الملف مازال يثير القلق والمخاوف لان العراق لم يحصل على كامل حصته المائية بموجب اتفاقات الدول المتشاطئة ، وهذا الأمر لم يلتفت له احد نواب دولة القانون عندما أعلن بان الحكومة الحالية قادرة على إثارة المشاكل في تركيا باعتماد مبدأ التعامل بالمثل ، في حال استمرار تدخلها في الشأن العراقي ، واصطفافها إلى طائفة معينة على حساب أخرى .يبدو أن موجة البرد الأخيرة خففت من تصاعد لهجة تبادل الاتهامات بين البلدين ، وربما عولج الأمر من خلال القنوات الدبلوماسية ، وبارتفاع درجات الحرارة ة واستنادا لتأثر المواقف السياسية بالعوامل المناخية وتحديدا في الصيف المقبل قد تلجأ أنقرة لاستخدام ورقة المياه ، وحينذاك سندعو الأصدقاء والحلفاء للضغط على الجانب التركي لمنحنا الحصة المائية قبل نفوق أبقارنا وجواميسنا ، وتراجع الإنتاج الزراعي بسبب شح المياه ، مما يجعلنا نستورد الكراث والفجل من دول الجوار ونبدد أموال الدولة باستيراد بضائع كان العراق يصدرها قبل نصف قرن .العراق وبحسب المحللين السياسيين لايمتلك أوراق ضغط على دول الجوار ، لكن تصريحات بعض مسؤوليه وساسته تشير إلى انه استعاد دوره الإقليمي في المنطقة ، لأنه سيحتضن في الشهر الثالث من العام الجاري مؤتمر القمة العربية ، وسيجعل الضيوف العرب يدعمون مطالبه بالخروج من طائلة الفصل السابع ، وإطفاء جميع ديونه ، وبالتمنيات والأحلام والأوهام سيكون العراقيون على موعد مع ربيع دائم ، لان المواقف العربية ستتغير في القمة المرتقبة ، فتستعيد بغداد حضورها في "المحيط المنجمد العربي" ، ولن تتأثر بأية موجة برد قادمة من تركيا وإيران حتى وإن كانت تحت درجة الصفر المئوي .
نص ردن: تحت الصفر المئوي
نشر في: 24 يناير, 2012: 08:03 م