وديع غزوانمع كل خرق أمني تتصاعد أسئلة المواطنين وتعلو علامات الاستفهام وجوههم عن إمكانية وضع حد لمسلسل استهداف العراقيين المستمر، فهم واثقون بأن ماتقوم به العصابات الإرهابية بمختلف تنوعاتها لاينم عن ذكاء خارق يمتلكونه ولا عن فطنة موجهيهم و لا عن ستراتيجية فاعلة،
فقد اعتاد هؤلاء المجرمون اختيار مناطق بسيطة كتجمعات المدارس أو العمال أو دوائر تقدم خدماتها للمواطنين، التي من الطبيعي أن تعتمد في حمايتها على الوضع الأمني العام، لذا فهي مواقع هشة امنياً، فعدا الجدران الكونكريتية ونقاط السيطرة في الأحياء والشوارع وبعض أفراد من حماية المنشآت لاشيء يمنع استهداف مثل هذه المواقع المتكرر من الإرهابيين الذين ، كما يبدو، باتوا عاجزين عن مواجهة واقعية مباشرة مع الأجهزة الأمنية رغم ما لدينا من ملاحظات على جاهزيتها وخططها الأمنية، فأخذوا منذ فترة يركزون على مثل هذه المناطق. إن واقع الحال الذي عشناه منذ ما بعد 2003 حتى الآن يشير بما لايقبل مجالاً للشك، إلى أن عدد الضحايا من المواطنين الأبرياء كشهداء وجرحى فاق بكثير عدد المحتلين من أميركان وغيرهم، ما شوه كثيراً وأساء للمقاومة الحقيقية التي سمعنا وقرأنا عنها في العراق إبان ثورة العشرين وقبلها وبعدها، والى صور نضال شعوب آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية التي قدمت الملايين من أجل تحريرها وانعتاقها من المحتل الأجنبي، وهذا ما كان يفترض أن تركز عليه الأحزاب السياسية جميعها ،المشاركة في العملية السياسية أو غيرها، وتثقف عليه لكي لاتعطي أي فرصة لمثل هؤلاء المجرمين لتمرير مخططاتهم وإغواء البعض خاصة شريحة الشباب من العاطلين والناقمين على الوضع العام بسبب سوء الأوضاع وحجم المعاناة الطويلة التي يعيشونها مع أهلهم وليس بسبب سياسي مباشر في الأغلب باعتقادنا، بعد أن عانى الكثير إبان النظام السابق. لانريد هنا أن نعطي مبرراً لتقصير السياسيين أو المسؤولين الأمنيين، فقد اشرنا في أكثر من مناسبة، إلى أن أي مواطن بسيط بات يدرك أن الواقع الأمني واستقراره مرتبط بعدة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية،وأي فصل بين أي واحد منها يعني جهلا إن لم نقل غباء عن قراءة حقيقة ما يتطلبه هذا الواقع الأمني من مستلزمات أضاعت الكثير منها مهاترات السياسيين واختلافاتهم على مكاسب آنية، وتغاضيهم عن الصالح العام الذي ائتمنوا عليه. المواطنون ونحن معهم اليوم وهم يشاهدون نتائج الجرائم الأخيرة التي نفذتها العصابات الإرهابية في الشعلة والحرية والصدر، لم يعودوا يكترثون بتصريحات اعتادوا عليها عن القاعدة وفلول البعثيين ونقص المعلومات الاستخباراتية وغيرها، فكلها معروفة ومعلومة.. إنهم يطالبون، وباسم كل شهيد وأم ثكلى وأرملة ويتيم ،كل السياسيين بمناقشة واقعية لحقيقة واقعنا الأمني الضعيف، والاستفادة من أية خبرة وكفاءة مدنية أو عسكرية وطنية في هذا المجال ، بعيداً عن التحزبات الطائفية لرسم ملامح خطة أمنية يشارك فيها الجميع،وفي مقدمتهم المواطن الذي ينبغي أولا أن نكسب ثقته و نرسخ قناعته بما يجري من إجراءات تضمن العدالة وسيادة القانون ومحاسبة المفسدين وتشعر الجميع حقاً بأن العراق لجميع أبنائه، عندها نضع أقدامنا على الطريق الصحيح.. مطلوب مراجعة شاملة لكل ما حصل والاعتراف بأخطائنا علنا نتمكن من استعادة ثقة المواطن الذي بدونه لايمكن لأي نظام الادعاء بأنه يمثله حقاً.
كردستانيات: متى يتوقف مسلسل القتل هذا ؟
نشر في: 24 يناير, 2012: 08:10 م