سرمد الطائي كنت اطالع الصحف الايرانية لفهم ردود الفعل على العقوبات التي اصدرتها اوربا على صادرات طهران النفطية، لكنني فوجئت بأن الجماعة مشغولون بالدمية "باربي" وان عشرات الحوانيت جرى اغلاقها في العاصمة الايرانية بعد ان "تورطت" ببيع هذه اللعبة التي يحبها الاطفال في ارجاء العالم.
وفي الحقيقة فإن المراقبين لم يعيروا اهمية لمجرد 600 ألف برميل ستمتنع اوربا عن استيرادها من ايران، لكن مصدر القلق هو ما تعنيه الخطوة الاوربية لمستقبل الصدام بين ايران والغرب. فالخطوة غير المسبوقة التي تجرأت عليها كبريات الدول الصناعية، تساعدنا على تخيل ما يمكن ان يقدم عليه الغربيون الذين ملوا مراوغات طهران، كما ان الضغوط التي تعانيها منطقة اليورو المتأزمة ماليا، "خربت" المزاج الهادئ للاوربيين كما يبدو وجعلتهم قادرين على التصرف بعصبية مع حكومة احمدي نجاد، ولن نستغرب حين تشهد الشهور المقبلة المزيد من التسخين على الصفيح الايراني.والمشكلة "الصغيرة" لدينا في العراق هي ان كبريات الدول الغربية التي صارت تمتنع عن شراء نفط ايران، هي نفسها التي تستثمر مليارات الدولارات في زيادة انتاج حقولنا في البصرة وعلى مرمى من حدود ايران. ونخشى ان ينتبه الجنرال سليماني فجأة الى ان العراق استطاع بمعونة اوربا ان يضيف مليون برميل على انتاجه، بينما فشلت ايران بسبب قرارات اوربا، في تصريف بترولها، وحينها سيحلو للجنرال هذا ان يتصرف بشيء من العصبية ويبدأ بـ"مضايقة" شركائنا الاوربيين على ارضنا، ويخيب بعض التوقعات المتفائلة للدكتور حسين الشهرستاني.وهكذا رحت افتش في المواقع الالكترونية لصحف ايران المعارضة والموالية، لعلي اعثر على ما يهدئ هذا اللون من المخاوف، ففوجئت بأن المعارضة والموالاة مشغولون بإغلاق عشرات الحوانيت في طهران بتهمة بيع الدمية باربي.ولم اتصور سوى ان الامر ينطوي على مبالغة صحفية، لكنني تفاجأت بأن كبار المسؤولين في طهران يتبادلون الرسائل الجادة بهذا الشأن. اذ ان قربانعلي دري نجف ابادي وهو المدعي العام السابق، بعث رسالة الى نائب رئيس جمهوريتهم يقول فيها "ان عرض الدمية المصنعة في الغرب باربي، في اسواق ايران، جرس انذار لكل القادة لأنها تهدد الثقافة الاسلامية وقيم المجتمع"!خبر آخر يقول ان "تهريب الدمية باربي" بدأ يزدهر ويلاقي رواجا بعد اغلاق عشرات الحوانيت التي تبيعها. بل ان الاطفال الايرانيين صاروا يرفضون شراء دمية ايرانية اسمها "سارة" واخرى اسمها "دارا"، ويقيمون الدنيا دون ان يقعدوها بغية اجبار ذويهم على تدبير "باربي" من احد المهربين.وهكذا فإن سوء الادارة الايرانية لأزمة "باربي" أدى الى رفع اسعارها في السوق السوداء، ما يعني خسارة ايران المزيد من العملة الصعبة بسبب "كلف التهريب" فضلا عن اغلاق مصنعين ايرانيين احدهما للدمية سارة وآخر للدمية دارا وتحويل عمالهما الى عاطلين، وسط ازمة خانقة تواصل خفض سعر صرف النقود الايرانية وتبقي النفط في المخازن بسبب امتناع اوربا واليابان ايضا، عن شرائه.وقد تفكر القائمة العراقية مثلا باغتنام هذه الفرصة "لإنقاذ" حقول البصرة من غضب سليماني. فيمكن ان نعرض على ايران ان تضمن سلامة "شركائنا" الاوربيين في الجنوب، مقابل ان يقوم العراق بشراء كل الكميات التي تنتجها من الدمى الكاسدة "سارة ودارا" مع شحنات السيارات الصفراء التي غزت الشارع وخاصة "السايبا"، ونأمل ان يكون في هذا تعويض عما تكبدته باربي والاوربيون، من خسائر لايران.ان قراءة اخبار كهذه في لحظة حساسة من تاريخ المنطقة، تكشف لنا الى اي مستوى يمكن للساسة ان يهزأوا بمصائرنا.. وكم صدام حسين يمكن لهذه المنطقة ان تنجب في كل عقد!.
عـالَـم آخــر:"باربي" الممنوعة في طهران
نشر في: 24 يناير, 2012: 10:45 م