TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > استعراضات إعلامية

استعراضات إعلامية

نشر في: 25 يناير, 2012: 07:12 م

أحمد حسين فيما تتجه الأنظار هذه الأيام نحو المؤتمر الوطني وما يمكن أن يتمخض عنه من تسويات، أو صفقات سياسية بوصف أدق، ثمة من يحاول لفت الانتباه إلى مجالات أخرى تداعب هموم المواطنين واحتياجاتهم المفقودة.
الأنظار سواء كانت للمتخصصين بالشأن السياسي أم المواطنين، لا تتجه إرادياً نحو الاحتدام المحموم بين قادة الخلاف السياسي، بل هي مجبرة لاقتران استقرار أمن الفرد العراقي ومستقبله بتداعيات هذا الاحتدام المتأزم، وكذلك لا تتجه الأنظار شغفاً أو إعجاباً بما يدور بين الساسة إذ أنها تترجى الخروج بتوصيات أو سياسات إيجابية تصب في مصلحة الوطن والمواطن، كما إن الناظرين لا يتأملون مشاهدة حوارات متحضرة أو مناظرات بناءة تعود بالنفع على الجميع وتبعث في النفوس الفخر أو المتعة على الأقل كما هو حال المناظرات الاجتماعات السياسية التي تجري في أنظمة ديمقراطية بحق.الناظرون يعرفون مسبقاً ما الذي سيُطرح على طاولة المؤتمر الوطني وغيره من المؤتمرات وطنية كانت أو غير ذلك، وهم يتوقعون المفردات والخطابات الإعلامية التي ستشحن الأجواء بالتوتر، وأيضاً هم مؤمنون بأن المؤتمرات السياسية وجلسات الصلح الموهوم ما هي إلا ستار يخفي وراءه ما سيجري من صفقات، إلا أنهم ـ أي الناظرين ـ يترقبون ما ستؤول إليه الأمور استعداداً لاتخاذ الاحتياطات اللازمة التي اعتاد العراقيون اتخاذها منذ عقود. أما من يحاولون لفت الأنظار إلى تردي واقع الخدمات والتربية والتعليم والصحة والوضع الاقتصادي والبطالة وغير ذلك من قائمة الأزمات الطويلة التي تعصف بالبلاد والعباد، فهؤلاء لا يغردون خارج السرب كما قد يتبادر إلى الذهن، بل إنهم جزء أساس في السرب وآلة موسيقية مهمة في جوقة النشاز السياسي، وما هم إلا قنوات جماهيرية يحاول الساسة من خلالها رفد التوتر الشعبي بمزيد من التحفز.فالذي يحاول سرقة الأضواء السياسية إلى بقعته عبر المطالبة بصلاحيات محلية أوسع للمحافظات أو إقامة الأقاليم أو الانفصال النهائي عن العراق، يبرر مطالباته هذه بتردي واقع الخدمات وسوء الإدارة المركزية للبلاد التي أدت إلى تضييع أو تسويف حقوق المواطنين، وكذلك بسبب مركزية القرار السياسي والاقتصادي، وبسبب سياسة التهميش من قبل حكومة المركز تجاه المحافظات، والكثير من الأعذار الأخرى التي يصر الناطقون بها على أنها مطالب جماهيرية تصب في صالح المواطن وليس السياسي أو المسؤول المحلي أو الزعيم الديني أو القبلي، إلا إن الحقيقة غير ذلك، فهؤلاء وبعد أن هجرتهم الأضواء الإعلامية ـ وهم المصابون بالإسهال الإعلامي ـ لم يجدوا غير التصريحات المتشنجة أو بوصف أدق الصادمة لاستعادة مواقعهم في دائرة الضوء التي أدمنوا الجلوس فيها كما أدمن الساسة الجلوس على الكراسي، خاصة وان معظمهم إن لم يكن جلّهم قادة بارزون في مجتمعاتهم وهم قادرون تمام القدرة على فرض المطالب الشعبية على المسؤولين المحليين فرضاً وليس ترجياً، وقادرون على أكثر من ذلك.من غير المنصف أن يوظف البعض وسائل الإعلام ومشاعر المواطنين ومعاناتهم لتحقيق أهدافه ويدّعي في الوقت نفسه انه ينطلق من احتياجاتهم ويتحدث بلسانهم، وكأن العراقي أبكم أصمّ قعيد الفراش، لا يسمع ما يدور من خطب وزعيق ولا يستطيع النطق بما يريده ولا يقوى على النهوض إلى الشارع ليعبر عما يريد.من يريد أن يقدم شيئا للمواطنين فعليه أن يتحرك على أرض الواقع لا أن يستعرض عضلاته الإعلامية، ويصب نار الحث الطائفي والمناطقي على نار الأعصاب المتوترة، هذا إن كان معنياً بالمواطن حقا، أما إن لم يكن كذلك فسيواصل ما يقول ويفعل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram