 حازم مبيضينبعد ستة اجتماعات, أوصلت مناورات حكومة نتنياهو محادثات عمان الاستكشافية مع الفلسطينيين إلى طريق مسدود, بالتزامن مع انتهاء المهلة التي حددتها الرباعية الدولية للجانبين للتوصل إلى اتفاق على الحدود والأمن, يتيح استئناف المفاوضات المباشرة, ويفرض هذا الفشل على الفلسطينيين تقييم ما حدث, والتشاور مع الأردن والدول العربية الأخرى,
لوضع خطة للتحرك, بعد أن أفصحت حكومة اليمين الصهيونية عن رفضها الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية، رغم أن القيادة الفلسطينية تقدمت خطوة إلى الأمام, بإعلانها عدم ممانعتها في العودة إلى المفاوضات, في حال اعترفت إسرائيل بحدود الدولة العتيدة, كما أنهم أبدوا استعدادهم للتجاوب مع أي مطلب إسرائيلي بخصوص الأمن، شرط عدم تواجد أي إسرائيلي ضمن الأراضي الفلسطينية. معروف أن محادثات عمان أتت تنفيذاً لمبادرة أردنية, استهدفت تحريك عملية السلام, وخلالها كانت زيارة الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن, والتي تمكن خلالها من كسر الجمود الذي يغلف الملف الفلسطيني منذ فترة غير قصيرة, على وقع هدير الجرافات الإسرائيلية التي تنهش الأرض الفلسطينية, وتمكن أن يقنع الكثير من أركان الإدارة الأميركية بسلامة وصدقية الموقفين العربي والفلسطيني، وبأهمية الدور الأردني في تقريب وجهات النظر, وبما يرتب على الدبلوماسية الأردنية التحرك بنشاط أكبر, لمنع حكومة نتنياهو من إفشال تلك المبادرة, التي أعادت المعضلة الفلسطينية إلى الواجهة, بعد تراجعها خلف ضباب حراك الربيع العربي, الذي استأثر باهتمام شعوب المنطقة ودول صنع القرار في العالم, كما أن المحادثات كانت استجابة لاقتراح الرباعية الدولية بتحديد موعد ليتقدم الجانبان بمقترحات في قضايا الارض والامن, بهدف التوصل إلى اتفاق سلام بنهاية هذا العام. في ظل انهماك الساسة الأميركيين في التحضير للانتخابات الرئاسية, وبما يعني عدم إمكانية الضغط على إسرائيل لتنفيذ التزاماتها, يبدو الموقف الأوروبي مائعاً, وهو يتوقف عند حدود الترحيب بالمحادثات, ولو أنها ليست مفاوضات رسمية, والدعوة إلى ضرورة تحقيقها نتائج تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني وخصوصاً اللاجئين, والتمني بأن يواصل الفلسطينيون استكشاف فرص العودة إلى طاولة المفاوضات, ودعوة إسرائيل ( بخجل ) إلى فتح معابر قطاع غزة، والالتزام لفظياً وشفهياً بدعم سكان القطاع ووكالة الغوث, ويأتي هذا الموقف بديلاً عن الموقف المطلوب, وهو الضغط لمنع نتنياهو من مواصلة مناوراته التي تعقد المسألة, وتجعل التوصل إلى حل الدولتين الذي تتبناه أوروبا نظرياً حلاً مستحيلاً. في مواجهة الاصرار الفلسطيني المحق على وقف الاستيطان, وتحديد حدود الدولة الفلسطينية للعودة إلى المفاوضات المباشرة, التي يجب أن تتسم بالجدية, لا تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي, وهي تستغل كل مناسبة لخلط الأوراق, وهاهو رئيسها الثعلب يحاول استغباء العالم في دافوس, وهو يعلن بأن الحل بات في متناول اليد، وأنه من الافضل أن تبقى الدول الكبرى بعيدة لأن لدى الرباعية الدولية مشاغلها الخاصة المتعلقة بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وروسيا, وأنه لا الفلسطينيون ولا الإسرائيليون لديهم بديل جدي عن صنع السلام, وأن  المشكلة الحقيقية في العالم العربي هي الفقر, وليس الاحتلال ولا معضلة اللاجئين, وذلك رداً على مطالبة رئيس الوزراء الفلسطين للمجتمع الدولي بالمشاركة الفاعلة بالبحث عن حلول تعيد الجانبين إلى طاولة التفاوض المباشر. تعثرت فكرة عودة الجانبين إلى التفاوض المباشر, لأن الجانب الإسرائيلي لا يؤمن بحل الدولتين, ولأن الأطماع الصهيونية لا تقف عند حدود الدولة العبرية الحالية, ولا عند ضم الأراضي المحتلة, وإنما تتعداها إلى التفكير بالسيطرة على المنطقة, مع تجاهل إرادة الشعوب, التي يبدو واضحاً ضرورة انفجارها, لتعيد للمتعنتين والواهمين في إسرائيل وعيهم, وتجبرهم على التعاطي مع إرادة السلام الفلسطينية والعربية, وهي إرادة حقيقية تم التعبير عنها بكل الأشكال, بما فيها الانتفاضة.