عدنان أبو زيد: يبدل المئات من العراقيين سنويا أسماءهم، لأسباب اجتماعية ونفسية وحتى سياسية. وبحسب مشاهدات لمواطنين وموظفين في دوائر الأحوال المدنية، فإن ظاهرة تغيير الأسماء ازدادت منذ عام 2003، استجابة لتطورات دراماتيكية وانقلابات جذرية، سياسية واقتصادية واجتماعية.
وعلى الرغم من أن العراقيين يعتزون بأسمائهم، فإن الفرد منهم لا يعتني بجمالية و(ديكور) الاسم قدر اهتمامه بمعناه والغرض منه وارتباطه بحدث.ويقول الباحث في الفولكلور العراقي شبيب حسن إن الكثير من العراقيين الكبار بالسن يحملون أسماء لم تعد (لائقة) في الوقت الحاضر.الاسم والطائفةويتابع : بعض الأسماء تحمل معاني درء الحسد، والخطر، والمسائل الاعتقادية، كما إن بعضها يؤرخ لحدث معين، إضافة إلى بعضها يحمل معاني (منبوذة).ويعدد شبيب بعض الأسماء التي يشعر حاملوها بالخجل منها مثل، مطشر، زباله، عطلان، عطشان، جرثوم، صلبوخ، برغي، غضيب، هريش، صلبوخ، رخيص، حافي، جربوع، دخان.وتستقبل الدوائر المتخصصة في اغلب مدن العراق الكثير من طلبات تغيير الأسماء، التي تبدو منطقية في الكثير من أسبابها.واضطر الكثير من العراقيين إلى تغيير أسمائهم في بطاقات (الهويات) التي يحملونا بطريقة ارتجالية خلال فترة العنف الطائفي التي مرّ بها العراق منذ عام 2004، حيث قُتل الكثير من العراقيين بسبب أسمائهم التي تشير إلى انتمائهم لطائفة معينة.وأبدل جابر اسمه السابق (جرو) ويعني باللهجة العراقية الكلب الصغير. ويقول جابر إن والده أطلق عليه هذه الاسم درءا للحسد. وفي ذات الوقت فإن بعض النساء يبدلن أسماءهن لاعتقادهن انه لم يعد مواكبا للعصر، حيث أبدلت (حمزية) اسمها إلى حنان، لاعتقادها أن الاسم الجديد أكثر مواكبة لروح العصر لاسيما وأنها تعمل مدرّسة.وتتابع: يوحي الاسم القديم بالتقليدية وكبر السن في حين أن عمري لا يتجاوز السابعة والعشرين.ويوجه البعض اتهامات للمرأة في سعيها لتغيير اسمها، بأنه ( موضة )، وتمرد على الواقع. لكن الناشطة النسوية سجى حسون من الكرادة في بغداد ترفض هذه التفسير وتقول عبر حوار رقمي معها : هذه الخطوة مواءمة للمناخ الاجتماعي والسياسي الجديد، وعلينا ان نتصور حجم معاناة المرأة من اسمها ( القبيح ). وتشير سجى الى أن الغالبية تبدل الاسم الأول فقط، بينما يترك اسم الأب والعائلة في الغالب. البارانوية.. اعتزاز بالاسمويربط الدكتور في العلوم النفسانية المقيم في هولندا بارع حسن، بين الشخصية البارانوية والاسم، فهذه الشخصية تعتز بلقبها كثيرا، ولا تسعى إلى تغييره وان حمل معاني ( مخجلة )، بل هو يسعى إلى تأكيده وإعلاء شأنه. وفي الوقت ذاته، فان الشخصية النرجسية، الطاووسية، تسعى إلى اسم (متفرد)، مستثنى من العادة المتبعة، ويحاول عبرها تقديم شخصية استعراضية وان كانت زائفة. وبحسب حسن فإن الكثير من النساء في العراق صاحبات شخصية سيكوباتية، يهمها اسمها كثيرا، بل تعيره اهتماما منقطع النظير، وتراه جزءا من جمالها، بل هو مظهر من مظاهر إغواء الرجل لدى بعض النساء.آباء سيكوباتيونويعتقد حسن أن بعض الآباء والأجداد ممن اسموا أبناءهم بأسماء شخصيات سياسية معاصرة لهم، كانوا أباءً سيكوباتيين، لأنهم كانوا عديمي الولاء الصادق لجهة معينة بل كانوا مهادنين لرموز الفترة التي عاشوها، ودأبوا على إظهار الولاء لها عبر ملائمة أفكارهم معها. لكن الغريب في بعض الحالات أن البعض يبدل اسمه استجابة لنبوءة عراف أو نصيحة قارئة كف. فقد أبدل (فارس) اسمه إلى (فراس)، بعدما أخبرته قارئة الكف أن اسمه يجلب له سوء الطالع في المستقبل. ويقول فراس انه يؤمن كثيرا بتأثير الأسماء على مصائر الناس بعدما قرأ كتباً عدة حول الموضوع. وبحسب الخبير النفسي سعد حسن فإن اسم الشخص له تأثير كبير على شخصيته ومسيرة حياته.ومن وجهة نظر دينية، فإن رجل الدين سعيد الياسري يرى أن تغيير الأسماء القبيحة إلى أسماء ذات دالات على الخير والجمال، نهج اتبعه النبي محمد،فقد كان الرسول يعمد إلى تغيير بعض الأسماء إذا وجدها غير لائقة، فقد سأل رجلاً من حنين عن اسمه فقال: غراب، فقال له: أنت مسلم، إذ كره الرسول أن يكون اسم مسلم غراباً، لفسق الغراب، ومعصيته، فسمّاه مسلماً.أسماء رقميةودأب الكثير من الشباب العراقي على تغيير أسمائهم الرقمية في الشبكة العنكبوتية، حيث يحرص اغلبهم على التخفي حول اسم مستعار وهو يمارس فعالياته الرقمية. وغالبا ما يختار المراهقون أسماء مثيرة للاهتمام، تعكس المشاعر التي يتملكها الشاب في اللحظة التي اختار فيها الاسم. وغالبا ما يختار الشباب أسماءً مثيرة للعاطفة، بغية تقديم أنفسهم للصديقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وغرف الـ(الجات).وفي اغلب الأحيان يتخلى الشاب عن اسمه الحقيقي ليعيش مع الاسم الرقمي حياة افتراضية حالمة.وبحسب الشاب الجامعي سعيد حسن (20 سنة ) فإن أصدقاءه يختارون في الغالب أسماء مطربين أو ممثلين معروفين، في حين تتخفى الفتاة خلف اسم ممثلة أو مطربة مشهورة.أسماء مخجِلةويشير المحامي إسماعيل الزبيدي من بابل (100 كم جنوب بغداد)، إلى أن عشرات الطلبات تقدم إلى دوائر الأحوال المدنية شهريا لغرض تغيير الأسماء، وتزداد النسبة بين الفتيات والشباب حصرا. و
عراقيون يبدلون أسماءهم لمواكبة التطورات الاجتماعية والسياسية
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 27 يناير, 2012: 10:17 م