 عدنان حسينمنذ ألف وأربعمئة سنة قيل فينا: "كنتم خير أمة أخرجت للناس"...  فهل نحن كذلك الآن بعد كل هذا الدهر الطويل؟ركنّا أربعة عشر قرناً الى ما قيل فينا في القرآن.. وضعنا ساقاً على ساق مطمئنين الى أننا الأفضل والأخيَر.. انصرفنا إلى إعداد القهوة وشرب النارجيلة، وتعاملنا مع غيرنا باعتبارنا الشعب المُختار والأمة المُنتخبة والفرقة الناجية، فيما غيرنا شعوب كافرة وأمم هالكة وفرق مصيرها جهنم.
 بل إن بعضنا أعطى لنفسه الحق حتى في إبادة الآخرين في مجازر جماعية بدم بارد.هل نحن الآن فعلاً أو مازلنا "خير أمة أخرجت للناس"؟السؤال مُلحّ، وله ما يبرره.. يتجدد مع كل شروق شمس وغروبها ولا تخرج من عواصمنا إلا الأخبار المُكربة والمزعجة ... إذا كنّا كذلك فلماذا تتقدم علينا الشعوب والأمم والفرق الأخرى من اليابان إلى أميركا مروراً بالصين والهند وأوروبا ؟ لماذا تغلبنا هذه الشعوب والأمم والفرق في مختلف الميادين العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية؟ لماذا نحن العرب والمسلمين عموما الأكثر تأخراً وتخلفاً وفقراً بين شعوب العالم وأممه وفرقه؟مجلة "غلوبال" التي تصدر من جنيف ونيويورك نشرت في عددها الأخير قائمة بأفضل مئة منظمة غير حكومية في العالم. والمنظمات غير الحكومية هي في الغالب منظمات للإغاثة والمساعدة  الإنسانية، أي لفعل الخير، بحسب تعبيرنا الدارج في مختلف أقطارنا وأمصارنا.نحن نرى أنفسنا خير أمة أخرجت للناس كما قيل فينا منذ أربعة عشر قرنا .. فما هو موقعنا في خريطة فعل الخير الدولية؟في قائمة مجلة "غلوبال" يأتي ترتيبنا في الذيل!تصدّرت القائمة منظمات إنسانية أميركية (مثل: ويكيبيديا فاونديشين، وبارتنرز إن هيلث، وباث) وبريطانية (مثة: أوكسفام) وسويسرية (مثل : كير انترناشنال، وأطباء بلا حدود) ودنماركية (مثل: مجلس اللاجئين الدنماركي) .. بل حتى بنغلاديشية (مثل : براك) وكينية (مثل: أوشاهيدي)، وهي منظمات توزعت مجالات خدماتها في فعل الخير بين حرية تدفق المعلومات والمساعدات الصحية والطبية والإغاثة الإنسانية ومكافحة الفقر والمساعدة في مجال البرمجيات.العرب، والمسلمون، وقفوا في آخر الصف بين هذه المنظمات المئة. فثمة ثلاث منظمات عربية فقط، هي  بحرينية ومصرية وأردنية، جاءت في الترتيب الحادي والتسعين والثاني والتسعين والسادس والتسعين على التوالي في قائمة أفضل المنظمات غير الحكومية. البحرينية تهتم بحقوق الإنسان والمصرية بقضايا البيئة والتنمية الاجتماعية والأردنية بالمبادرة الاجتماعية.في الدول المتقدمة  يُعدّ العمل الخيري أحد العناوين الرئيسة للتحضر، والعمل الخيّر هناك له جمهور واسع يتبرع بأمواله أو يتطوع بجهده. قائمة "غلوبال" تعكس بصورة واقعية طبيعتنا، فنحن أمة لا تحب الآخرين.. بل إن بعضنا ممتلئ بالكراهية تجاه هؤلاء الآخرين من دون أي مبرر.. هل هو انعكاس لشعور بالنقص؟.. بالتخلف؟.. بالدونية؟