TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس: سـيــرك مـمــل

قرطاس: سـيــرك مـمــل

نشر في: 29 يناير, 2012: 09:06 م

 أحمد عبد الحسينالعراقيّة قاطعتْ، العراقيّة عادتْ، قبل أن يتاح لنا ـ نحن المواطنين المساكين ـ أن نسأل عن سبب مقاطعتها الحكومة والبرلمان، عادتْ العراقيّة فأهلاً وسهلاً، لكنْ .. هل متاح لنا الآن أن نسأل: لماذا عادتْ؟. هل يحقّ لنا أن نفهم ما يجري؟ نحن الذين انتخبنا أناساً ليكونوا ممثلينا في الجهازين التشريعيّ والتنفيذي، من حقنا أن نسأل لمَ شغلنا هؤلاء الأباطرةُ طوال سنواتٍ بمعارك جانبية عطّلتِ الدولة وأعطتِ الحكومة "غير المبالية أصلاً" ألفَ عذر وعذر لتبرير تقاعسها؟
ما الذي كسبناه من صراع الديكة هذا؟ منذ سنوات ونحن مشاهدون سلبيون لمسرحية تتوزع فيها الأدوار عشوائياً بحيث لا تعرف من هو البطل فيها ومن هو الكومبارس، أين المنقذ وأين الشرير، وما المغزى من الصراع؟ الأنكى من ذلك أن المسرحية يمكن أن تكون كوميدية ـ بدلالة التهريج الكبير الذي يمارسه "أبطالها" ـ لولا أن آثارها تفوق التراجيديا لتصل حدود الدموية. كوميديا سياسيينا بل تهريجهم كان يمكن أن يكون ممتعاً لولا أنه يترجم تلقائياً إلى دمٍ ودموع، إلى عبوات ناسفة وسيارات مفخخة تعصف بنا نحن المشاهدين المجبرين على رؤية ممثلين غلاظ القلوب يرتجلون حواراتٍ وحشية ملؤها الطائفية والحقد، ونحن يقطع بعضنا أوصال بعض. غضبَ المالكيُّ على الهاشميّ فحبسنا أنفاسنا واستنزفنا وقتاً وأعصاباً وانشغلنا ولم يعد لنا همّ إلا تتبّع أنبائهم، ثم زعل علاوي على العملية السياسيّة فطلّقها فعشنا أيامنا وبتنا ليالينا فاغري الأفواه أمام شاشات التلفزيون نستمع إلى شتائم الزوجين المتخاصمين ونرى نشر غسيلهما القذر على الملأ، ونترقب بفضول محاولات أهل الخير من إيرانيين وأميركان للإصلاح بينهما. أين نحن من كلّ ذلك؟ والله يا سادتي لقد نسينا ـ في خضم الأحداث المتلاحقة لهذه المسرحية التافهة ـ أننا بشر أحياء لنا حيواتنا الخاصة واهتماماتنا، لنا بيوت وزوجات وأطفال، لبعضنا أعمال يجب أن يؤديها، أنستنا المسرحية التهريجية غير الممتعة أننا نفتقد الأمن والكهرباء والطرقات المعبدّة. سطلونا، أسكرونا، أفقدونا الذاكرة فنسينا أن بغداد في ظل حكمهم أسوأ مدينة للعيش في الكون، وأن دولتنا تنحدر لتكون دولة بوليسية "التعبير ليس لي بل لهيومن رايتس ووتش، "، ألهونا عن رؤية أن العراق تتحكم به إيران "التعبير ليس لي بل للسيد المبجل سليماني"، أنسونا أنفسنا، نسينا ضرورة أن يغضب الإنسان حينما تهان كرامته، ضرورة أن نحتجّ، أن نبادل لا مبالاة السياسيين بلامبالاة مثلها، أن ننساهم ونهملهم ونخرج من هذا المسرح الذي يصرّ على تقديم أعمال تجارية هابطة. لنخرجْ. يا إخوتي المواطنين العراقيين الذين تشكلون جمهور هذا السيرك السياسيّ، اخرجوا من القاعة، اتركوا المهرجين الحزانى وحدهم يتنازعون على ما لا نفهمه، على مكتسبات شخصية مغرقة في الضآلة والضحالة. اهجروا المسرح، قفوا أمام أبوابه واغضبوا لأنفسكم، لضياع وقتكم في مشاهدة عرضٍ بائس كهذا: قاطعتِ العراقية .. عادتِ العراقية . عاد الزوج إلى بيت الطاعة، التقط صوراً مع زوجته، لعب مع الأولاد وفرح الجميع وعاشوا عيشة سعيدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram