اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > احتفاء مدهـش بجواد سليم تحت نصب الحرية

احتفاء مدهـش بجواد سليم تحت نصب الحرية

نشر في: 30 يناير, 2012: 08:44 م

بغداد/ عبد الجبار العتابي في احتفال غير مسبوق، وفي ساعات مسروقة من الزمن العراقي البخيل بأضوائه ومتعته وطيب اللقاء والاجتماع وفي ليلة ترش البرد، وترتعد منه ومن الريبة والحيرة في مكان خلا من المارة والعابرين والباعة المتجولين، احتفل جمع من العراقيين بمناسبة اليوبيل الذهبي لرحيل صاحب أشهر نصب في بغداد والشرق الأوسط.  تحت نصب الحرية، وفي ليلة من ليالي الإنس في بغداد، في ساحة التحرير بمنطقة الباب الشرقي التي هي الطريق المؤدي إلى كلواذا،
توقف الزمن، توقف تماما ولكنه كان يلوح بيديه إلى يوم شتائي من أيام كانون الثاني (يناير) من عام 1961، وسرعان ما اجتمع في تلك الساحة من تلك الساعة المسائية الشتائية أفراد كثيرون، كل واحد منهم كان يحمل بين يديه شيئا، وفي روحه شيئا، وفي ذاكرته شيئا، حملوا آلات موسيقية وحملوا وردا وحملوا أوراقاً وحملوا صورا وكاميرات وابتسامات، وكلمات كانت تتناثر تحت نصب الحرية حيث كان هنالك يقف في مشهد واضح متألق الفنان (جواد سليم)، كأنه هناك يشير إلى تلك البصمات التي تركها على ذلك البرونز، فيتحسسه بأصابعه فيحسه لم يعد باردا، بل انه يتدفأ بحرارة اللقاء، فضاءت الليلة، تناثرت الأضواء في الأمكنة وتصاعدت ألوانها فيما كانت الموسيقى تتهادى بجمال أنغامها لتحيي صاحب الذكرى، الذي اجتمع الناس هنا ليحيونه تحية الخلود والمحبة والتحدي لكل أشكال الظلام التي تحاول أن تغلف منحوتات النصب المرتفع في الفضاء أفقياً مثل لافتة تريد أن تقول لكل الأزمنة ما في النفس العراقية الصميمية.  ما أتحدث عنه.. أهو احتفال كبير في مساء بغداد لمرور نصف قرن على رحيل جواد سليم، الرجل الذي نحت (نصب الحرية) ليظل ابرز رمز لبغداد، والذين احتفلوا هم نخبة من أهل الثقافة والسياسة والفن وعشاق الحياة والفن، الاحتفال.. أقامته مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون بالتعاون مع أمانة بغداد، ووجد المحتفلون عيونهم تتطلع إلى منحوتات النصب لتتكحل بتلك الوقائع التي كادت تتحرك مع توهجات الأضواء والموسيقى والشعر، ومع عرض سينمائي في الهواء الطلق،عرض لفيلم سينمائي يحمل عنوان (جواد الحرية) استعرض محطات ومسارات الفنان الراحل على الصعيدين الشخصي والفني.  أجواء الاحتفال بجواد سليم كانت الموسيقى غير اعتيادية، قدمتها الفرقة السيمفونية العراقية الوطنية، بقيادة المايسترو محمد أمين عزت، واعتقد أنها للمرة الأولى في تاريخها تنزل إلى الباب الشرقي لتطربه وتسمعه ما لم يسمعه من قبل، واستطاعت أن تزيل كل بقايا الصخب اليومي وتغسل بالعزف التعب المترامي على عواتق المكان، فكانت الموسيقى تتعالى تنادي باسم صاحب الذكرى، وتلامس منحوتاته التي لامستها كفاه من قبل، وكانت الإشارة واضحة وطيبة من الفرقة وعازفيها الرائعين حينما عزفوا مقطوعة (فوك النا خل فوك)، والمعروفة شعبيا باسم الأغنية التي غناها ناظم الغزالي (فوك النخل فوك)!!. ولم يغب الشعر بل كان حاضرا وبقوة تجلت في تلك القصيدة التي كتبها الشاعر العراقي الراحل عبد الأمير الحصيري (1942- 1978) بحق جواد سليم، قصيدة (يا باسل الحزن)، قام بإلقائها الفنانان سامي قفطان وعواطف نعيم، تلك القصيدة (البائية) التي تتألف من (مائة وخمسة وثلاثين) بيتاً من الشعر العمودي:  فضت نوافذها عن وجهك الحقب غابا.. فواكهه الأشواق والعجب غابا أزاهر بكر اللون سندسه وخضر أشجاره الألواح والنصب  يا سروة الفن هذا بعض ما حفلت به غصون على جبيك تنتصب جواد من صفوة فيها أبيح لها  مما تشاء من الإلهام تنتهب خلدّت شعبك تياهاً بملحمة  للنصر تحضن فيها رأسه الشهب جواد ليس رثاء ما يفيض به  قلبي ولكنه الإجلال يحتسبُ يا راهب الفن لم تصرفه مغرية  عنه ولم تغتصب حبه الرتبُ يا باسل الحزن لو مست نفوسهم الحمقاء ريشتك العصماء ما نكبوا يا باسل الحزن قبر أنت تسكنه قي قمة الدهر والتاريخ مرتهب وبين كل هذا، الموسيقى والشعر والجمال والأضواء التي تمطر في المكان، كان الجميع يبتهجون، كأنهم ينظرون ليل بغداد لأول مرة، وهناك الكثيرون لم يأتوا إلى المكان منذ أمد بعيد، ليس في الليل لا.. بل في النهار، إذ أن سطوة الخوف من مظاهر العنف لاسيما في الأماكن المكتظة هي ما يدفع الناس إلى الابتعاد، فكان المحتفلون يشعرون بالابتهاج كأنهم في مكان ليس عراقيا، أنهم يحتفلون بأنفسهم على مرأى من النصب الجميل وعلى أرضية الشارع الذي لا يخلو من السيارات والصخب، لكنه الآن مختلف، يقول الناقد التشكيلي صلاح عباس الذي قال انه جاء من مدينة الحلة للاحتفال بجواد سليم: يا لها من ليلة تعبق براحة الفنون والوفاء، ولكن للأسف لا يوجد في العراق تقليد للاحتفاء بالفنانين والرموز الفنية، ولكن هذه الاحتفالية كانت شيئا آخر، جاءت تعبيرا خالصا عن مكانة الفنان جواد سليم ودوره المؤثر في مسار الفن العراقي الحديث وما تركه من ارث فني وثقافي، وهذا نصب الحرية شاهد بروعته، وها أنت تشاهد الجميع يلتقي هنا تحت جدارية نصب الحرية في ساحة التحرير.العراقيون توافدوا للاحتفال بجواد سليم فيما قالت الناشطة في حقوق الإنسان السيدة هناء أدور: هذا احتفاء يستحقه جواد سليم،جواد.. الذي لا يزال خالدا وهو يمنحنا قيمة اكبر من اجل النض

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram