اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > قبل أن تهوي الملائكة.. فـي كواليس العمل

قبل أن تهوي الملائكة.. فـي كواليس العمل

نشر في: 31 يناير, 2012: 06:06 م

سلوى جراحأسعدني أن أقرأ في المدى الثقافي قبل أيام مقالاً نقدياً بقلم عدنان حسين أحمد عن مسرحية "حين تهوي الملائكة" المأخوذة عن "نوفيلا" للكاتب والمسرحي الروسي أنطوان تشيخوف (1860-1904) تحمل عنوان "العنبر رقم 6".  المقالة تناولت بلغة نقدية جميلة العمل المسرحي الذي عرض في لندن لخمس أماس ونال الكثير من إعجاب المشاهدين من عراقيين وعرب وبريطانيين.
خمس ليال قدمت خلالها فرقة "أستوديو الممثل"، كل طاقتها، الأستوديو الذي أنتمي إليه منذ قدم أول أعماله "راكبوا البحر" للمسرحي الإرلندي جون سينغ عام 1991.  وطاقة "أستوديو الممثل" هائلة رغم ظروف عمله الصعبة، ورغم أن فرقة أستوديو المثل لا تشبه أي فرقة مسرحية أخرى، فكل أعضائها من غير المحترفين، رغم أن البعض منهم درس المسرح لكنه لم يحترف العمل المسرحي، الكل يعمل من أجل لقمة العيش، حتى مخرجة الفرقة ومؤسستها روناك خليل شوقي، تكسب عيشها وعيش مسرحها منذ عشرين عاماً من عمل بعيد كل البعد عن المسرح.  عشرون عاماً وهي تبحث عمن يمول أعمالها المسرحية من دون جدوى.  وعليه فهي التي تلقم مسرحها زاده، تشتري الملابس والإكسسوارات وتدفع كلفة إيجار المسرح.  ولا تتجاوز أحلامها وأحلام فرقتها من الناحية المادية أكثر من تغطية كلفة المسرح ومصاريف الإنتاج.  كيف إذاً تخرج هذه الأعمال المسرحية إلى النور؟  كل تدريباتنا تتم في غرفة صغيرة شيدتها روناك شوقي في نهاية حديقة بيتها الصغيرة نطلق عليها مجازاً اسم "الأستوديو" نحولها في خيالنا إلى خشبة مسرح ونحدد فيها مكان الجمهور.  والتدريبات تبدأ عادة بعد انتهاء الممثلات من ساعات الدوام.  يأتين متعبات بهن من الوهن والبرد والجوع ما يصيب أهل لندن بعد يوم عمل شاق، يبدأ في الصباح ولا ينتهي قبل الخامسة والنصف مساءً.  مع ذلك يدخلن بابتساماتهن الواسعة وبكلمات الترحيب والتحية.  تستقبلهن روناك بأكواب الشاي وبعض الطعام والحلويات، وتهرع كلبتها الصغيرة "ميشا" للترحيب على طريقتها، تستقبل كل واحدة فينا بهزات شديدة متلاحقة من ذيلها الصغير، حتى أننا بدأنا نشك أن "ميشا" تفهم العديد من أسرار العمل المسرحي.  بدأنا قراءتنا الأولى لمسرحية "حين تهوي الملائكة".. في نهاية الصيف وزعت روناك الأدوار وبدأت كل واحدة منا تتلمس ملامح دورها.  هند الرماح الطبيبة تقرأ دورها وتتساءل لم ليست من نزيلات العنبر لتكتشف أنها ستصبح في النهاية من نزيلاته. عشتار المفرجي، هي الممرضة، شخصية أسماها تشيخوف "نيكيتا" رجل قاس قذر يدير حياة النزلاء.   فيحاء السامرائي بدور أستاذة جامعية تفتقد لحظات نومها وتظل تردد: "أريد أن أنام أريد أن أرتاح" وتحلم بسرير جديد.  نوال جبو، بدور المتسولة التي توزع قروشها على النزيلات وتعرف من أين حصلت على كل قرش: "خذي هذا القرش أعطاني إياه ضابط، لا خذي هذا أعطاني إياه رجل عجوز". وفرات إبراهيم فتاة شابة رمت بها الظروف في هذا العنبر تحب معاكسة صديقتها المتسولة.  وكاتبة هذه السطور آنا ديمتروفا الفيلسوفة، الخائفة من مجتمعها والتي تحلم بحريتها. بعد بضع قراءات وشرح المخرجة لأبعاد الشخصيات، بدأت عملية ما يعرف في المسرح بالميزانسين.Mise en scene  وهي كلمة من أصل فرنسي تستعمل في السينما والمسرح، وتعني الحركة داخل المشهد وتشمل التمثيل والإنارة والملابس.  ونحن في أستوديو روناك شوقي الصغير لا نعرف بالضبط ما يدور في رأسها من التفاصيل المسرحية، رغم أنها تحدثنا عن الديكور والإنارة وتسمعنا بعض ما سيكون في العمل من موسيقى.  لكنه حديث أشبه بالتفكير بصوت عال، حديث المخرج مع أحلامه.  لذلك تجدنا نحن الممثلات نركز على حركتنا ومعاني كلمات حوارنا وهذا "الميزانسين".   كل واحدة تمسك أوراق النص المسرحي وتدور حول محدثتها تقوم وتجلس، تحاول أن تكون الشخصية المسرحية التي تنمو في دواخلها، فتخطئ مرة، أو تنسى حركة أو تسقط منها جملة.  ومع التكرار تتوضح الحركة ويستقر الحوار وتظهر المشاهد المسرحية متلاحقة متراصة وتبرز الشخصيات حتى نكاد نذوب نحن فيها ونصبحها.  ومع الأيام تصير ترافقنا، نأخذها معنا إلى بيوتنا وننيمها في أسرتنا ونردد كلماتها في رواحنا ومجيئنا.  ثم يأتي اليوم الموعود، يوم دخولنا المسرح، ويكون عادة  قبل يوم أو اثنين من العرض. وتبدأ الاستعدادات لتحقيق كل أحلام المخرجة، الديكور والإنارة والموسيقى، وكل التفاصيل الصغيرة.  وتبدأ ورشة عمل حقيقية يشارك فيها الجميع منفذ الديكور، نحات ترك النحت ليكسب لقمة العيش من العمل كمقاول بناء، ومسؤول الموسيقى فنان شاب يؤلف الموسيقى ويعمل مدير مطعم وشبان آخرون يساعدون في إدارة المسرح وتنظيم دخول قطع الأثاث من كراسٍ وطاولات وقطع سجاد.  ونحن الممثلات نساعد هنا وهناك وبين هذا وذاك، نعتاد حركتنا في مكان فسيح أكبر بكثير من الأستوديو الصغير.. كيف ندخل وكيف نخرج، أين ن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram