هاشم العقابي في لقاء أجرته معه إحدى الصحف العربية، يوم امس، اعلن طارق الهاشمي عن ندمه لارتكابه "خطأ عمره" بدعمه المالكي، حسب قوله. الغريب هو ليس ندمه، بل الأغرب هو انه اول ما سئل ان كان قد دعم المالكي يوما، أجاب بانه لم يدعمه على الإطلاق. لكنه حين سئل بعدها مباشرة: ألم تدعمه في ترشيحه لرئاسة مجلس الوزراء؟ اجاب: نعم وفي مناسبتين حصل ذلك!! هاي شلون؟ على "الإطلاق" وين، وفي "مناسبتين" وين؟
هناك وسائل اكاديمة تستعمل في طرق البحث للكشف عن صدق اجابة من تتم مقابلته. من بينها ان نقارن اجابته على سؤالين متشابهين تقريبا. فان وجدناه قال جوابا يناقض الآخر نهمل استمارة اجابته لعدم صدقها. وهذه الطريقة يستعملها، أيضا، القضاة والمحامون في المحاكمات لاستجواب المتهم. الفارق هو ان الباحث الأكاديمي سيهمل استمارة الاجابة باعتبارها غير صادقة ليس اكثر. بينما في المحاكم قد تؤدي الى تثبيت التهمة وادانة المتهم. ان هذا التناقض الواضح في رد الهاشمي، افرغ حديثه مما يسمى اصطلاحا بـ "صدق المحتوى"، ومنح خصومه واصدقاءه، معا، حق التشكيك بأقواله. وحتى لا يؤخذ عليّ باني ظلمت الرجل أو اتهمته بالكذب، قررت ان اواصل قراءة اللقاء حتى نهايته لعلي أجد فيه ما يمحو صورة التناقض التي حكمت عليه بها. واصلت القراءة، فوجدت ما هو اشد غرابة . لقد كشف الهاشمي، وهو نائب لرئيس الجمهورية، بأنه ليس دقيقا حتى في فهم مواد الدستور، الذي عين بموجبه. فعندما سئل عن ان كان يتمتع بالحصانة، اجاب: " بالتأكيد هناك حصانة حسب المادة 93 من الدستور، وهي واضحة جدا، وهي تشير إلى أن أي اتهام يوجه إلى رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس الوزراء والوزراء ينبغي أن يقدم إلى المحكمة الاتحادية وليس إلى المحاكم العادية". لم احتج الى غير ثوان لمراجعة تلك المادة الدستورية فلم اجد بها كلمة الحصانة على "الإطلاق". الشيء الوحيد الذي ربما قصده الهاشمي هو الفقرة السادسة من تلك المادة التي تخص مهام المحكمة الاتحادية وتخولها "الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وينظم ذلك بقانون". ولم يرد ذكر نواب الرئيسين أو مفردة الحصانة في النص. أما الحصانة ضد أوامر القاء القبض، فقد جاء ذكرها في المادة 63 وليس 93 ، وتخص رئيس مجلس النواب ونائبيه واعضاء المجلس فقط. والذي اعرفه ان الهاشمي الغى عضويته بمجلس النواب ليتمتع بمزايا المنصب وملحقاته، مثلما فعل كثيرون غيره. واللي يريد شي يعوف شي. أليس كذلك يا سيادة النائب؟اذن اسمح لي أن انصحك لوجه الله، الذي كان دعمك للمالكي، ان صح، لم يكن قطعا لوجهه، ولا اقول لماذا. ليس تقديرا لوضعك ووضع بلدنا الحرج في هذه الايام، حسب، بل ولان اجدادنا قالوا: "ليس كل ما يعرف يقال". نصيحتي هي ان تبحث عن محام جيد يعينك، ان مثلت امام المحكمة، في مواجهة القاضي الذي قد يستعمل تناقضك في قولك، انك لم تدعم المالكي على الإطلاق وبعدها تقول دعمته مرتين، وثيقة للطعن في دفاعك عن نفسك.والله اعلم ما في الصدور وما بين السطور.
سلاما ياعراق :الهاشمي: لو أدري هيج يصير
نشر في: 31 يناير, 2012: 10:23 م