TOP

جريدة المدى > سينما > فيلم "الفنان" لآزانافيسيو.. تناغم تام

فيلم "الفنان" لآزانافيسيو.. تناغم تام

نشر في: 1 فبراير, 2012: 08:46 م

ترجمة: عباس المفرجي هذا التقدير الفطن والمؤثر لعصر السينما الصامتة هو واحد من أكثر الأفلام الذي يقدم متعة صافية التقدم في العمر والكبت النفسي يجعلاني الآن عرضة للبكاء على الأفلام. لكن ستكون هذه أول مرّة أذرف فيها دموع الفرح. إنها ليست مبالغة، فهذا يحدث في كل مرّة أشاهد فيها اللقطات الأخيرة من هذا الفيلم الرائع والفكه والرقيق على نحو موجع،
 للمخرج الفرنسي ميشيل آزانافيسيو، وهو فيلم عن عصر الأسود والأبيض الصامت لهوليوود، والذي هو نفسه بالأسود والأبيض، وصامت ــ أو تقريبا صامت. هناك بضع كلمات منطوقة، وموسيقى اوركسترالية متواصلة وضعها لودفيك بورس.مذ شاهدت فيلم " الفنان "، في عرضه الأول في مهرجان كان العام الماضي، أصبحت واحدا من جمع غفير عالمي من المبشرين الثرثارين، والخوف من التسبب برد فعل سلبي فقط هو الذي يثنينا عن المضي في الحديث أكثر عن فنيته. الكوميديا اللامبالية والخليط من القطع الفنية المتنوعة مرهقان بإضاءة مبهجة ؛ قصة الغرام رقيقة، ومع هذا مشبوبة العاطفة على نحو غير متوقع. إنها قصة حب لاهية تماما ومعجزة من التسلية، وتقول على نحو غير متوقع الشيء الكثير عن الكبرياء الذكوري والتربية العاطفية. إنها حتى تلمع، بطريقتها اللامبالية، الى مسألة ما إذا كان فن السينما أنقى حين كان صامتا.القصة هي تنويع على ثيمة من فيلم " نجم يولد ". نجم أفلام أكبر سنا، مستقر يساعد إمرأة شابة موهوبة في طريقها الى المجد، فقط ليرى مسيرته الفنية تنحدر حين تصيب هي نجاحا. إنها مغازلة يكون فيها الرجل هو المعلم، المرشد والعاشق؛ في "الفنان"، يكون الحب مستحيلا بسبب القدر وإنقلاب الأحوال. الإكتمال الجسدي هو غير مهم: الصفقة المتشابكة للنفوذ والشهرة هي أكثر إثارة من الجنس.إنه العام 1927، وجورج فالنتاين، الذي يلعب دوره جان ديجاردان، هو نجم أفلام صامتة مفعم بالحياة وسخيف على نحو محبب، ذو وسامة مفرطة وجفون طويلة وشارب كأنه خطّ بقلم رسّام كارتون. علامته الفارقة هي الظهور على الشاشة دائما برفقة كلبه الصغير المحبوب، أوغي، وهو أيضا رفيقه خارج الشاشة، داهية وشجاع مثل لاسي. فالنتاين، بالطبع، هو شبيه صغير بردولفو فالنتينو، وربما يبدو ذلك أكثر وضوحا في أدائه دور مغامر غامض، وهو أيضا شبيه بجين كيلي، في بسمته التي يظهر بها أسنانه. وهو أيضا، بقبعته وربطة عنقه البيضاء، كثير الشبه بموريس شيفالييه.فالنتاين يرتقي في لعبته الى أعلى درجة، حين نراه منتشيا في حفل إفتتاح فيلمه الجديد "علاقة حب روسية "، وهو قصة محرّفة سياسيا، يظهر فيها مؤديا دور طيّار وجندي يقاتل من أجل إستقلال جورجيا. الأشرار الروس يشاهَدون وهم يعذبون شخصيته في المشهد الإفتتاحي، بأقطاب كهربائية مثبتة على جمجمته، محاولين أن يرغموه على الكلام. لكنه لن يتكلم، وبالتالي يهيأ هذا المشهد للصلابة، التكتم، قابلية السقوط بيد الأعداء والخوف من المستقبل. في الخارج، وسط الحشود المبتهجة التي جاءت لحضور الفيلم، تجازف فتاة ساذجة صغيرة، بطريقة ما، بعبور صف من الشرطة، وتنتهي الى تقبيل فالنتاين على خده، الأمر الذي يبهج المصورين الفوتوغرافيين.هذه الفتاة هي بيبي ميللر، التي تؤدي دورها الممثلة الارجنتينية بيرينيس بيجو، والتي تظهر أيضا مع ديجاردان في فيلم آزانافيسيو "القاهرة عش الجواسيس" (2006). مغازلتها له، وإفتتانها به، يكسبانها حظا سعيدا مع السينما، إذ تنجح هذه الفتاة الصغيرة بلفت نظر منتج جورج، آل زيمر (جون غودمان)، وكذلك سائقه الداهية المخلص كليفتون (جيمس كرومويل). لكن جورج نفسه ليس مخادعا ولا أخلاقيا؛ إنه متزوج، وإن يكن غير سعيد، وبذلك مثل هذه العلاقة لن تكون. وفي حين تتقبل بيبي، بشكل حاسم، تكنولوجيا جديدة في الأفلام تشتمل على كلام كثير، يرفضها هو بتشكّي ويعتبرها مجرد بدعة. ترتقي هي أعلى سلم النجاح، تاركة جورج يتجه بعناد نحو الأسفل: رجل ولى زمانه.كل شيء حول "الفنان" يقترب من من الأتقان كما لم يفعل فيلما من قبل: بوجه خاص مشاهد بداية الفيلم حيث نرى تعاقب لقطات لمشهد واحد يرقص فيه فالنتاين رقصة سريعة مع بيبي في حفلة رقص في فيلمه "اعتذار الجنتلمان". في البدء يقومان بحركات خرقاء، ومن ثم يفسدان تصوير المشهد بخروجهما عن النص والضحك في كل مرة أكثر وأكثر على نحو لا يقاوم. وعندئذ يتم التخلي عن المشهد، لأنهما يأخذان بالنظر الى بعض بجدية مفرطة، مدركان شيئا مهما. فهما في هذه اللحظة يقعان في الحب.جورج نفور، على نحو غريب، من الكلام. زوجته، تتوسل إليه أن يتحدث معها عمّا أصاب علاقتهما من فتور، لكنه لن يفعل، وكبرياؤه بلا شك سوف لا يسمح بمناقشة إمكانية بدء مسيرته الفنية من جديد في الثرثرة، حيث فقدَ عرشه. لكن الأمر لم يكن مجرد هذا: جورج، بطريقته المشوّشة العجولة، يعتقد أن الثرثرة ليست سوى جهل مطبق، وهو فنان. الصمت هو فن: ما يهم هو المشهد ونشوة المشاهدة. والفيلم ينحاز، على نحو دونكيخوتي، الى جانب جورج لكونه صامتا، مع عناوين فرعية للحوار حتى النهاية ــ حين يتفوه جورج بشيء، فإنه يكشف عن سبب آخر لمعارضته أن يكون مسموعا، وأيضا حول الجذور الاوربية لهوليوود الامريكية.يا له من فيلم مدهش: واحد من تلك الأفلام ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram