هاشم العقابيلي صديق، كنا هو وأنا نقدم برنامجا تلفزيونيا مشتركا في إحدى الفضائيات، يتصل بي بين حين وآخر. ولمكالمات هذا الصديق العزيز ميزتان. الأولى هي قفشاته السريعة، التي يجيد توقيتها فتأتي عندما "يلتمن عليه مكدرات البال" وأكون بأمس الحاجة لما يضحكني. والثانية هي انه دائما يفاجئني بخبر مضحك ومبك في آن.
في آخر مكالمة له قبل أيام اخبرني، وبعد ان أنهى موجز قفشاته، ان "فلان الفلاني"، الذي صار بقدرة قادر مليونيرا بعد التغيير، اخبره بأنه افتتح مشروعا إعلاميا "عملاقا" در عليه أرباحا عظيمة رفعت رصيده أضعافا. وما هو المشروع يا صديقي؟ أجابني: انه مدرسة لتدريب السياسيين العراقيين على الكلام! ثم أضاف بان المليونير قد حصل على تمويل "محترم" من جهات عدة قدرت "أهمية" المشروع و "فوائده". خانتني كل العبارات التي يمكن ان اعبر بها عن ألمي مما أراه مهزلة، فلم أقل غير: عوافي عليك سيدنا.واليوم، تجمعت لدي أسباب كثيرة دفعتني للاتصال بصديقي كي أخبره اني اكتشفت بان صاحب "مدرسة تدريب السياسيين على الكلام" كان محقا ويعرف حاجة السوق السياسي كأي تاجر محترف. وكيف لا يحقق أرباحا طائلة ولدينا ساسة فيهم من يقول اننا نسعى لبناء دولة عراقية "حديثية"، وآخر يقول: إني أناشد الدول "العالمية"؟ ومن هالمال حمل جمال.فمن هذا المال الوفير، مثلا، لا تستغرب لو سمعت سياسيا "جديدا" يخبرك ان بمصر "طحالب" في تجويد القرآن، ويقصد (فطاحل). وآخر قد يقول لك ان الدول الاقليمية لها "مهارب أخرى" أي (مآرب أخرى). ولا تفاجأ أيضا لو سمعت احد سياسيينا "الطحالب" يهدد الإرهابيين، بعد واحد من التفجيرات الدموية، ان "طوبى" لهم، ويقصد (تبا). أما ذلك الوزير "السياحي" الذي قال عن بشار الاسد "ضخامة" الرئيس، فقد فاق كل الطحالب طحلبة. انه مثل ملا حنتوش الذي قال فيه اهل العمارة "زاد اعله الملالي ملا حنتوش". فهو لم يضحكنا، بل اضحك العالم على علينا. وهنا لا اجد، بعد تلك الفضيحة، غير أن أغنيه: "سلمتك بيد الله".ما ذكرته قد يظل محصورا في إطار الجهل بمعاني الكلمات، لكن يبقى هناك ما هو اشد إضحاكا وإيلاما. فيوم أمس قرأت تصريحا للنائبة عتاب الدوري، تبشرنا به ان مؤتمر القمة العربية سيعقد ببغداد. لا لأن تأكيدات جديدة قد صدرت من دول القمة تلغي كافة التكهنات بتأجيلها، بل لأن نوابا من العراقية وتحالفي الوطني والكردستاني قد حضروا جلسات مجلس النواب! أنائبة أم قارئة فنجان سياسي؟فبربكم الذي تعبدون، هل هناك اي ربط منطقي بين حضور الكتل السياسية، الذي يتم غالبا من دون قادتها، وحضور القادة العرب؟ عرب وين .. طنبورة وين؟لا تتهموني بالمبالغة لو قلت لكم، ان "العقول" التي تنتج مثل تلك الكلمات العجائبية وهذه الأفكار "التنويرية"، لو تحكمت بمصائر اكثر دول العالم تقدما لأرجعتها الى اشد عصور ما قبل انسان النياندرتال ظلاما.كان بودي ان أحدثكم عن "طنبورة"، لكن أغنية زهور حسين "أخاف احجي وعليه الناس يكلون"، منعتني.رجاء لا تقولوا: "خل يكولون"، فقد اعرف ما لا تعرفون.
سلاما ياعراق : وكم بالعراق من المضحكات
نشر في: 1 فبراير, 2012: 09:53 م