وديع غزوانفي وقت ينتظر الناس صحوة ضمير من برلماني أو مسؤول حكومي يعلن فيها توبة نصوحاً عما فات من سلوكيات منحرفة باعدت في أمل قريب لوضع خطوة صحيحة لمشروع وطني ديمقراطي كفيل برسم ملامح طريق صحيح تنشغل فيه الحكومة بمصالح المواطنين الضائعة ويمارس مجلس النواب دوره الرقابي بشكل صحيح ويترك القضاء لممارسة مهامه دون تدخل أو اعترافات و تصريحات مسبقة ،
في هذا الوقت ورغم اعتراف الجميع بخطورة المرحلة التي وصفها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني خلال اجتماعه مع ممثلي الدول العربية والإسلامية "أكبر أزمة في العراق منذ 2003 " ، فإنهم يصرون على اللعب بالنار مراهنين على حرص الناس على سلامة العملية السياسية وخوفهم من أن تؤدي تناحرات وصراعات بعض القوى إلى نتائج ، أقلها سوءاً ، التخلي عن أسس ومنطلقات بناء العراق الجديد ، والعودة مجدداً إلى نظام الحزب الواحد و" القائد الموهوب " الذي بدونه يضيع الوطن . المواطنون أدركوا مبكراً المخاطر التي واجهت وتواجه موضوعة التغيير في العراق الذي استبشروا بتحويله إلى واقع بعد أن كان حلماً يستحيل التحقيق عند البعض ، فالأعداء كثيرون في الداخل والخارج ، لذا قدموا أغلى ما عندهم وصبروا طيلة تلك السنوات على ممارسات غريبة وسلوكيات منحرفة ونهب منظم وقانوني للمال العام ..كانوا يشاهدون ويسمعون عن حياة الترف للبعض والرواتب والمخصصات الخيالية للمسؤولين وأقربائهم وهم يتحسرون على لقمة خبز، وكانوا يصمون آذانهم عمداً ويفندون القيل والقال عن شراء الفلل في الخارج لعوائل من وثقوا بهم واستأمنوهم على أعزّ ما عندهم الوطن ، وهم يدركون صحة معظمها في وقت يبحثون عن سقف يغطيهم ويقي عوائلهم برد الشتاء وحرّ الصيف .. كانوا يرون ويسمعون ويعرفون الكثير لكنهم آثروا التضحية ودفعوا من أجل الحلم الدماء وتحدوا الإرهاب.. وعندما فاض الكيل ومارسوا حقهم الدستوري في الاعتراض على ما يجري مطالبين بالتغيير بتظاهرات سلمية ، جوبهوا بالقمع واتهموا بإرهاب هم الذين تصدوا له وأفشلوا مخططاته ، بل لم يخجل بعض من ركب قطار السياسة بتذكرة طائفية ، أن يلبسهم ثياب مكونات ودول خارجية . ما انتبه إليه ملايين المواطنين وحذروا منه ، صار واقعاً يتعمد الفرقاء تزويقه بالديمقراطية، وبدلاً من الالتفات إلى الأعداء الحقيقيين للعراق وشعبه، بات البعض يحارب عدواً مصطنعاً وغير حقيقي خلقته "أزمة الثقة المستمرة" بين أطراف العملية السياسية، ومحاولة البعض الاستحواذ والهيمنة على حساب الهدف الأكبر العراق الديمقراطي الفيدرالي . لا نريد أن نسهب أكبر فقد يتصور البعض أننا متشائمون وناقمون أو حاسدون للمغانم العديدة والامتيازات للسياسيين ، غير أن هذا هو واقع الحال الذي يعرفونه ويتجاهلون الوقوف عنده ، ومع ذلك فالملايين المسحوقة ونحن منها ترفض إلا التمسك بحلمها الذي لابد من أن يرى النور، أما بشأن المغانم غير الشرعية وغير القانونية، فهي مدعاة رثاء لسياسيين يصرّون على عدم الاستفادة من دروس الماضي وما أغناها وشدّة اعتبارها .
كردستانيات: الأزمة ودروس الماضي
نشر في: 1 فبراير, 2012: 09:55 م