□ بغداد/ المدى اكد مصدر مقرب من مجلس الوزراء، امس الاربعاء، تخلي العراق عن "اقامة النجف عاصمة الثقافة الاسلامية" مشيرا الى ان رئيس الوزراء نوري المالكي ابلغ وزير الثقافة سعدون الدليمي بذلك قبل يومين، بسبب اتهامات بالفساد المالي وضغوطات مارستها جهات متنفذة في النجف جعلت من الاحتفال بعاصمة الثقافة الاسلامية امرا مستحيلا.
وفي تصريح لـ "المدى" في وقت متأخر امس، قال المصدر، الذي طلب عدم كشف اسمه، ان "رئيس الوزراء نوري المالكي ابلغ وزير الثقافة سعدون الدليمي رسميا الغاء فعاليات النجف عاصمة الثقافة الاسلامية المقرر انعقادها في آذار المقبل". واضاف المصدر الحكومي الرفيع ان "اللجنة الخماسية التي شكلها المالكي مؤخرا برئاسة نائبه حسين الشهرستاني عجزت عن اقناع المرجعية الدينية بالعدول عن تحفظاتها وقرارها عدم استقبال ضيوف الاحتفالية بسبب غضبها من اتهامات بالفساد المالي للجهات المشرفة على المشروع سواء في العاصمة بغداد او في مدينة النجف".ويلفت الى ان "السبب الاخر لتخلي العراق عن فعالية عاصمة الثقافة هذا العام كان بسبب ابتزاز مارسته شخصيات وجهات نافذة للجنة الفرعية في المحافظة وصل الى حد مطالبة بعض الشخصيات النجفية البارزة رشاوى بحدود 5 مليون دولار لقاء دعم اقامة الاحتفالية واقناع الجهات المعارضة".وتدارست الحكومة العراقية مؤخرا عدة سيناريوهات لاقامة "النجف عاصمة الثقافة الاسلامية" من ضمنها استضافة حفل الافتتاح في العاصمة بغداد بسبب اعتراض جهات دينية على تضمن برنامج الاحتفال مظاهر مخالفة للشريعة الاسلامية. وكان وزراء الثقافة في الدول الإسلامية وافقوا خلال اجتماعهم الذي استضافته العاصمة الأذربيجانية باكو في آب 2008 على اعتبار النجف عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2012، على ان تبدأ الاحتفالات الرسمية في الخامس عشر من شهر آذار المقبل.وشهدت النجف مطلع آذار الماضي إقامة المؤتمر الدولي النجف عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2012، بمشاركة أكاديميين ورجال دين وباحثين من دول عربية وإسلامية وأوربية عدة.وقررت الحكومة العراقية تخصيص 500 مليون دولار لتنظيم برامج ومؤتمرات مختلفة ضمن الفعالية، وكان ابرزها تخصيص 75 مليون دولار لبناء قصر الثقافة الذي يعد الاكبر في تاريخ مدينة النجف. وكان مجلس محافظة النجف اكد الاسبوع الماضي عدم مسؤوليته عن أي تلكؤ بمشروع النجف عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2012، كونه "مؤسسة تشريعية ورقابية"، فيما أوضح أنه شخص الكثير من السلبيات التي تعيق المشروع دون أن يجد " آذاناً صاغية". واعلن مجلس المحافظة مؤخرا وصول عدد من تماثيل الشمع، كلفت نحو 7 ملايين دولار، تمثل شخصيات دينية وسياسية وادبية نجفية.ويقول المصدر الحكومي لـ "المدى" ان "وزارة الثقافة العراقية باتت تشعر بحرج شديد بسبب الغاء تظاهرة دولية تشارك في اقامتها منظمات دولية كاليونسكو والايسيسكو بعد ان تم توجيه الدعوات لمئات الشخصيات العالمية بما فيهم اكثر من 70 وزير ثقافة لدولة اسلامية"، متوقعا ان "ينعكس هذا الامر على وضع العراق الدولي وقد يؤدي لالغاء القمة العربية المقرر انعقادها بالتزامن مع النجف عاصمة الثقافة الاسلامية في اذار المقبل".ويتابع المصدر بالقول ان "المرجعية الدينية كان لديها ملاحظات هامة بشأن اداء المشرفين على الاحتفالية لكن لا اللجنة الخماسية برئاسة الشهرستاني ولا اللجنة الفرعية احسنت التعامل مع تلك الملاحظات التي كانت تدعو للاخذ بنظر الاعتبار وضع النجف المعقد".ويضيف ان "اللجان المشرفة لم تتواصل بشكل جيد مع البيوتات الدينية ومكاتب مراجع الدين الذين يطالب النجفيون ان يكون لهم يد طولى في الاشراف المباشر على هذه الفعالية"، لافتا الى ان "المرجعية الدينية قررت عدم استقبال ضيوف الاحتفالية احتجاجا على تقارير تحدثت عن فساد يشوب عددا من المشاريع التي كلفت ملايين الدولارات".وكانت مصادر ابلغت "المدى" مؤخرا وجود خلافات حادة بين الحكومة العراقية والمرجعية الدينية حول "النجف عاصمة الثقافة" ادت بالمحصلة للاطاحة بالوكيل الاقدم لوزارة الثقافة جابر الجابري الذي كان يشغل منصب رئيس اللجنة المشرفة على الفعالية.