TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > من هم أصحاب الحق؟

من هم أصحاب الحق؟

نشر في: 3 فبراير, 2012: 07:56 م

وميض إحسان  ثمة سؤال بات يؤرق العراقيين ويفرض عليهم الخوض في احتمالات غائمة وتوقعات شائكة، من هم أصحاب الحق والمصلحة الحقيقية في إشاعة الاستقرار في البلد؟إنها ليست النخب السياسية - المنقسمة في ما بينها، وعلى نفسها - التي تتمتع بالمصالح وكل شروط الاستقرار، على الرغم من مظاهر الاضطراب الذي يعم الدولة العراقية والمخاطر التي تهدد المجتمع العراقي.
 لكن أصحاب الحق الحقيقيين هم ببساطة كل العراقيين، بدون تفريق أو تمييز، الذين يعانون  انعدام الخدمات على كل الصعد، تفتك بهم أمراض الاقتصاد والتعليم والصحة، وتهددهم مخاطر الجفاء في العلاقات، هؤلاء الناس الذين ناضلوا ضد كل أنواع طغيان السياسة وعذاباتها، وتحملوا شدائد حياة ما كان لها أن تستمر لولا رغبتهم بالحياة نفسها، ولولا الأمل بالمستقبل.لبعض الوقت وقع في ظن الكثيرين أن طقوس الانتخابات، والتصويت على الدستور، وشعارات الشراكة الوطنية، ستقود إلى عدم انغلاق الحكومة على نفسها لصالح انفتاح المجتمع وتوسيع صلاحيته، الأمر الذي سيساعد على تصحيح المسارات وتقليص الانحرافات في الأداء الديمقراطي، التي تعترف الحكومة نفسها بمخاطرها قبل أن يشخصها الشارع العراقي، لكننا وجدنا أن سياسة الانغلاق هدف بحد ذاته تعمل بعض النخب السياسية على ترسيخه، وتكافح من اجله، عن طريق تقنين السياسة والاستحواذ على الإعلام ومؤسسات القضاء، ومرافق التعليم، وجعلها حدائق خلفية للسلطة بشكل مباشر أو غير مباشر. في ظل الأزمات المتلاحقة التي يفتعلها السياسيون يتصاعد دورهم في قيادة البلد، وتقفل أبوابه أمام أي تصور يخرج عن دائرة تصوراتهم، فيتراجع دور الجماهير ويتقلص حضورها في الساحة السياسية، حتى يصبح وجودها مرهوناً برضا السلطة وأجهزتها الأمنية وأهواء المتحكمين بها، الأمر الذي يسهم في تنامي  بشاعة الحاضر الذي يعيشه المجتمع.العراقيون اليوم أصحاب حق لاينبغي أن ينافسهم فيه احد، ولا يزايد عليهم فيه حزب، أو تكتل، أو فكر أو أيديولوجية، فمصالح المجموع ينبغي أن تتحقق قبل مصالح الفرد، وأهدافهم في الحياة أكثر أهمية من أهداف أي حزب، وتوفير متطلبات العيش الآدمي أسمى من ضرورات أية أيديولوجيا، وهم الوحيدون الذين يجب أن يعرفوا حقيقة ما يجري في البلد، وأسباب الشقاء الذي يفتك بحياتهم، يجب أن توضع حقيقة خلافات النخب السياسية أمامهم، لكي يحكموا فيها، ويقرروا في أمرها، أن تكشف لهم كل أسباب النزاعات الحقيقية الدائرة بين السياسيين التي أدت، وما زالت تؤدي، إلى عدم الاستقرار النفسي والحزن وإراقة الدماء بشكل يومي مفجع. ليس هناك من يؤمن أن المشكلات التي تتفاقم بين السياسيين، وجنوحهم المجنون نحو تدمير البلد بهذه الطريقة القاسية، توازي عدم شعور الإنسان بالأمان وحرمانه من ابسط مقومات الحياة. إذ ليس لأي مشروع سياسي أو مذهبي أو عرقي أهمية، أو شرعية اجتماعية، ما لم يحقق راحة البال وأسباب الحياة الرغيدة للمجتمع، هذه قاعدة إنسانية قديمة أوجدت الداعي الروحي والمادي لنزول الرسالات السماوية وقيام الأديان، وكانت الأساس الأول لنشوء المجتمعات وانبثاق الأفكار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram