TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :الربيع العراقي.. دكتاتورية

العمود الثامن :الربيع العراقي.. دكتاتورية

نشر في: 3 فبراير, 2012: 11:25 م

 علي حسين نقترب من يوم 25 شباط، حين خرج شباب العراق إلى ساحة التحرير، في ذلك اليوم لم يرفع الشباب شعارات طائفية، ولا سعوا إلى إسقاط النظام، ولا قدموا مطالب مستحيلة، ولم يفعلوا ما فعله الشباب في مصر وتونس وليبيا عندما طالبوا برحيل النظام، كل ما طالبوا به هو إصلاحات سياسية لا تنتقص من قدر الحكومة ولا تنال من هيبتها، لكنها تجعل الناس تضعها في حدقات العيون إذا ما استجابت لمطالب شعبها وقررت أن تكون جزءا منهم.
هل كثير على العراقيين بعد عقود من الدكتاتورية أن يحظوا بحكومة تعبر عنهم وتلبي مطالبهم المشروعة؟ هل كثير على العراقيين أن يحظوا ببرلمان يمارس دوره الرقابي الحقيقي ولا يكون جزءا من الحكومة.هل المطالبة بالحق في العمل الذي أقرته كل قوانين البشرية والحق في الفرص المتكافئة والحق في سكن لائق والحق في مجتمع مدني والحق في ابسط الخدمات والحق في محاسبة الفاسدين وناهبي المال العام، أصبح نوعا من أنواع الشغب والتمرد يستحق المواجهة وأن تجند الحكومة كل إمكاناتها وقواتها الأمنية من اجل الوقوف بوجه شباب مسالمين؟، لماذا يصر بعض السياسيين والمسؤولين على أن ينشروا سموم الدكتاتورية في نسيج الخراب النفسي والتدمير الذاتي، والموت الأخلاقي، الذي يشيعه من يعملون في السلطة؟ لماذا يصر بعض المقربين على تغييب الحد الأدنى من العلاقات الإنسانية بين الحاكم والشعب؟. يقول أريك فروم عن حاشية ستالين "لقد نجح ستالين باستخدامه أساليب القهر النفسي والذهني في أن يجعل من الطاقم الحاكم من حوله حفنة من الأشخاص المحبطين عديمي الكرامة، لأنه كان ممسكا بمصائرهم"، هكذا يختار الطاغية الفاسدين من البشر في نظام حكمه ليكونوا أصدقاء له، فهم عبيد النفاق والتملق الذين يصفهم ايتان دي لابوسي في خطاب حول العبودية الطوعية "إنهم لا يتعين عليهم أن يفعلوا ما يأمرهم به، بل عليهم ان يفكروا كما يريدهم هو أن يفكروا، وهو لا يكفيه أن يطيعوه، بل عليهم أن يشددوا انحناءهم أمامه، إن عليهم أن يرصدوا وبكل عناية كلماته وصوته وعينيه وأي إيماءة تصدر منه".إن نيل المكاسب هو القيمة التي تسود ويعمل على شيوعها وتعميمها أولئك الذين قدموا الولاء فكان بديلا للخبرة والمعرفة وللوطنية، ومع إن هذا الولاء قد يرتدي قناع الحزب الذي يصنعه الحاكم أو يستخدمه لتصنيع نفسه، وليس من المستغرب أن يرى الديكتاتور أن القرابة هي الضمان الأول للولاء ولهذا يكون أقرباؤه هم حاشيته وهم أول المستفيدين، تعمل الحاشية على إيهام الحاكم بأنه محبوب من الجماهير وذلك من خلال الحشود المسخرة بفعل الإرهاب المنظم لمظاهرات التأييد. يكتب علي الوردي "الحاكم العادل يدرك بعدله لا بحدسه فقط أن خراب الحكم يبدأ لحظة توسيع دائرة عبيد النفاق" .  يلغي الديكتاتور، كل شيء يخالفه. ويصدق،، انه كائن مطلق العبقرية، يعرف كل شيء. وهو لا ينتقي للناس ما يناسبها بل ما يريد لها. ولا يسألها رأيها في حياتها بل يفرض عليها الحياة التي يريد. اليوم حين تقترب الذكرى الأولى لاحتجاجات 25 شباط نجد أن الدكتاتور العراقي يبحث عن ربيعه، عن عودة الروح إلى شرايين نظام استبدادي توهمت الناس أنها قد تيبست بعد سقوط تمثال صدام تقديس لمزايا للحاكم، ولا شرعية لمطالب العراقيين في دولة لا تحترم مطالب الناس ولا تضمن الحرية لمن يعيش على أراضيها. دولة تتحول إلى حلم للمسؤولين والمنتفعين والانتهازيين والسراق ممن يجدون مصلحتهم في استعادة الدكتاتور لربيعه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram