المدى الثقافيالحبس ثلاثة أشهر مع غرامة مالية بحق الفنان عادل إمام بدعوى الازدراء بالأديان، استند فيها القضاء الى أدواره في العديد من الأفلام..بمثل هذا الحكم يكشر القادمون للخلافة في مصر بعد ثورة شبابها عن حقيقة خطابهم في التضييق على حرية الإبداع والتعبير، متناسين أن هذا الأمر كان المحرك الأساس لموجة الغضب التي عمت الشارع المصري وما أثمرت عنه من سقوط مخز لفرعون مصر بعد ثلاثين عاما من خنق الحريات.
ما حصل هو إيذان بمرحلة جديدة كانت تجسيدا واضحا للمخاوف في ما يمكن أن يكون عليه شكل هذه المرحلة في ظل سيطرة تيار الإسلام السياسي على غالبية مقاعد البرلمان المصري... مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى احتدام الصراع في جميع مجالات الحياة.. ولعل حرية التعبير ستكون الساحة الأهم التي تشهد إدوار هذا الصراع.ومما لاشك فيه أن حرية الإبداع ستكون على المحك كما يرى الكثير بعد سيطرة قوى الإسلام السياسي انطلاقا من أن لا حرية إبداع في ظل أنظمة متشددة، تتخندق خلف خطوط حمراء وفتاوى وتأويلات من شأنها أن خنق الحريات. الكاتبة المصرية لميس جابر، وان كانت تستبعد صراعاً على الساحة الإبداعية، إلا أنها تتوقع بعض الإشكاليات التي،، لا تدعو في رأيها الى القلق بعدما انقلب الشعب على الحكم السابق، «فالناس لن يقبلوا بانفراد أحد بقرار الـ85 مليون مواطن في ظل فترة حكم محددة بصندوق الانتخابات الذي ارتضاه الجميع». وذلك على رغم تحفظاتها عن النتائج التي «لم تعبّر تعبيراً صادقاً عن توجهات الشعب، نظراً إلى حداثة عهد بعض الأحزاب، مقارنة بتيار إسلامي منظم سياسياً». وتشير إلى أن«زمن المنع ولّى بلا رجعة، اليوم بكبسة زر تستطيع أن تعرف كل ما يدور في العالم... لا عودة إلى الوراء، والدليل أنه في بلدان كان يوكل فيها إلى الرجال تمثيل الأدوار النسائية أصبح اليوم لديهم ممثلات! مستحيل أن يُفرض شيء على الشعب المصري بغير إرادته. فالدستور الذي سيتوافق عليه الشعب المصري هو ما سيحدد مستقبل حرية الإبداع في مصر. وإذا كانت غالبية البرلمان ستستأثر بوضع الدستور على هواها، فسيكون لنا دستور مع كل برلمان جديد، يناصر الغالبية ويتجاهل الباقين..ويقول المخرج الشاب محمد دياب عن حرية الإبداع أن «90 في المئة من الأفلام المصرية وسطية، لا تتضمن مبالغات كثيرة، لكن نوعاً من الشدّ والرخي سيحصل، سيؤدي بنا إلى النقطة التي نحن فيها بالفعل، فلن نزداد تحرراً ولا تشدداً». ويضيف: «لا أرى أن من سيمسك الحكم في مصر يمكن أن يؤثر سلباً، فالوعود واضحة والكلام مباشر والأمور تسير طبيعية، والتجاذب طبيعي، فكل يسعى من منظوره للتأكيد على حرية إبداعه، ولكل منا حدوده التي يتوقف عندها برقابته الذاتية".المخاوف إذن لها ما يبررها..وربما سيكون القادم أسوأ إن لم تشحذ الهمم في مواجهة مد ظلامي آخر.
"أول الغيث" عادل إمام ثم ينهمر خنق الحريات
نشر في: 5 فبراير, 2012: 07:23 م