أربيل/المدى قربت الاضطرابات التي يشهدها الشرق الاوسط والمصالح الاقتصادية بين شريكين غير محتملين هما تركيا القوة الصاعدة في المنطقة وإقليم كردستان العراق.وبحسب تحليل نشرته "رويترز" فإن أنقرة طورت علاقات تجارية وسياسية قوية مع كرد العراق بعدما تضررت سياستها الخارجية القائمة على عدم الدخول في مشاكل مع الجيران عقب الانتفاضة في سوريا والتوتر مع بغداد والمنافسة الجارية مع ايران.
ويعترف الزعماء الكرد في العراق أيضا بأن منطقتهم المنتجة للنفط والتي لا تطل على مسطحات مائية بحاجة الى حليف من بين جيرانها، في وقت تمر فيه المنطقة بحالة من عدم الاستقرار ويهدد صراع طائفي بتقويض ميزان السياسة الحساس في بغداد، وقد تكون تركيا بصفتها من أسرع الاقتصادات نموا في العالم حصانهم الرابح في هذا المجال.وقال رئيس قسم العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان فلاح مصطفى ان "الكرد يعتبرون علاقتهم بتركيا مهمة لما لها من وضع مهم بسبب موقعها وبسبب الدور الذي تلعبه في المجتمع الدولي".وقال مصطفى في مقابلة لـ"رويترز" مؤخرا ان "تركيا شريك رئيسي للعراق ككل لكن أيضا لكردستان في ما يتعلق بالتجارة، وأبدى ثقته بوجود فرصة حقيقية لتكون شريكا رئيسيا لحكومة كردستان العراق".إلا ان هناك قضايا مهمة مازالت تخيم على هذه العلاقة، من أهمها وجود حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق والحزب هو جماعة "متشددة" أدى صراعها المسلح الذي بدأته قبل 27 عاما من أجل حكم ذاتي للكرد في تركيا الى مقتل 40 ألفا من حزب العمال الكردستاني والجنود والمدنيين.ولا يحبذ الزعماء الاتراك إقامة دولة كردية في كردستان العراق خوفا من أن يثير ذلك كرد تركيا المستائين على الجانب الآخر من الحدود.وفي زيارة مهمة للمنطقة العام الماضي حرص رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على استخدام عبارة "الإدارة الكردية" لكنه لم يستخدم كلمة كردستان قط.وثار كرد العراق، بعدما تعرضوا لمذابح وسقط الكثير منهم ضحايا لهجمات بأسلحة كيماوية، على صدام حسين أثناء حرب الخليج عام 1991 وتحرروا من حكومة بغداد، وأطاحت حرب قادتها الولايات المتحدة عام 2003 بصدام وصدر دستور بعد ذلك اعترف بمنح الكرد إقليما بعد ان كافحوا كثيرا لنيله.وكانت كردستان في يوم ما من أفقر مناطق العراق وهي الآن أكثر مناطق العراق رخاء وبعيدة عن التمرد والعنف الطائفي في الجنوب بفضل جبالها وحكومتها المستقرة.وتعتمد المنطقة الى حد كبير في الوقت الحالي على حصولها على 17 % من ميزانية العراق لكن حكومة كردستان تقدر أن هناك نحو 45 مليار برميل من مخزونات النفط معظمها لم يتم استغلاله بعد.ويقول محللون انه يتوقع أن تحذو شركات كبيرة للنفط حذو شركة اكسون موبيل وتوقع عقودا للتنقيب والإنتاج مع حكومة كردستان، وسيساعد هذا على زيادة الإنتاج الذي يقدر أن يصل الى 175 ألف برميل في اليوم هذا العام ليرتفع الى مليون برميل يوميا بحلول عام 2015.ويتم ضخ صادرات النفط الكردي في الشبكة الوطنية العراقية لخطوط أنابيب النفط لكن الخلافات بدأت قبل سنوات وشابت العلاقات بين اربيل وبغداد بسبب مدفوعات متأخرة مقابل خام النفط وبسبب مدى مشروعية صفقات النفط التي تبرمها حكومة كردستان والاراضي المتنازع عليها.ويغذي خط أنابيب يضخ نحو 60 ألف برميل يوميا بالفعل من حقل طوق النفطي بكردستان خط الانابيب الرئيسي الذي يوصل الى ميناء جيهان التركي،ومن المقرر أن تتبعه خطوط أنابيب أخرى.وذكر وزير الاقتصاد التركي ظافر جاغليان أن 70 % من صادرات تركيا للعراق تذهب الى المنطقة الكردية أي اقليم كردستان. ولو كانت منطقة كردستان العراق دولة مستقلة لكانت ثامن أكبر سوق تصديراً لتركيا.وربما لا تكون مساهمة تركيا في اقتصاد كردستان العراق كافية لضمان دعم أنقرة الدائم خاصة مع مقتل جنود أتراك برصاص متمردي حزب العمال الكردستاني.وقال اردوغان لنواب من حزبه في البرلمان التركي "لمدة ثلاثين عاما دفعنا ثمنا غاليا للغاية نظير الارهاب الذي يوجه الى هنا بسبب انعدام السلطة في العراق "،ويصف الاتحاد الاوروبي وتركيا والولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني بأنه منظمة "ارهابية."وأضاف التقرير:وعلى الرغم من أن اردوغان منح الكرد في تركيا حقوقا تتعلق باللغة والثقافة في محاولة لفصل المشكلة الكردية عن مشكلة "الارهاب" فان وسائل اعلام تركية قالت ان محادثات سلام سرية بين تركيا وحزب العمال الكردستاني تداعت العام الماضي.وقال بارزاني في تصريح سابق بشأن جهود الوساطة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني ان العنف لا يجلب سوى الكوارث، وأضاف في مقابلة أجريت في الآونة الاخيرة أنه لا يمكنه وصف الدور الذي تقوم به حكومته بأنه وساطة لكن الجانبين يعلمان وجهة نظر حكومة كردستان بوضوح وأنها لا ترى سوى الحل السياسي للمشكلة وأنها على استعداد للقيام بكل ما يمكنها.
مدن إقليم كردستان.. من الفقر إلى الرخاء
نشر في: 5 فبراير, 2012: 07:27 م