وديع غزوانبعد أشهر من تظاهرات الخامس والعشرين من شباط الماضي وما رافقها وتبع جمعها من إجراءات تضييق مختلفة، توهم البعض بأن روحية ذلك اليوم قد ماتت وتلاشت مع ما أصاب رموزه من الشباب من جزع ويأس وهم يشاهدون البعض يزايد عليهم في رسالتهم السلمية في الدفاع عن الحريات والمطالبة بالتغيير، ويسعى إلى تزييف وتشويه إرادة وتطلعات ملايين العراقيين المحرومين من أبسط حقوقهم وبالتالي محاولة سلبهم حقهم في التعبير عما يعانونه من ضيم وقهر..
لم يكن هيناً أن نرى محاولات وصفقات تجري في الخفاء تارة، وفي العلن أخرى للعودة بنا إلى زمن ولّى غيّب فيه الوطن وضاعت المواطنة وانحصرا في شخص واحد ولون واحد لصورة كبيرة فقدت جمالها بسبب تعمد إخفاء بقية الألوان بعد أن عجزت عن إزالتها،فخرج الشباب مطالبين بزمن حقيقي تكون فعالياته تعبيراً عن حلم طالما انتظرناه ليتحول إلى حقيقة.. زمن تتوحد فيه نكسات الماضي القريب وآلامه مع حاضر ما زال مجهولاً لصنع مستقبل نحن رسمنا خطوطه الأولى.. زمن الديمقراطية الذي تعلو فيه قيم المواطنة وتطلق فيه الطاقات دون خوف ويتعزز أساس البناء الجديد بدستور وقوانين ومفاهيم للعدالة يتحسس فيه المواطن بالأمان ويشعر بالكرامة. ونحن نستذكر شرارة تظاهرات شباط لابد من الاعتراف بأننا اعتقدنا أن الطبقة السياسية الجديدة ستعاود التفكير بالأوضاع المأساوية التي سببتها للمواطن، عندما غفلت عن واجباتها وتسببت بأوضاع أبرز ملامحها سوء توزيع الثروات وتركيزها بيد سياسيين ومسؤولين وانتزاع معظمها من أفواه ملايين الجياع مع ما صاحب ذلك من نقص الخدمات البلدية والصحية والتربوية وتقليص مواد البطاقة التموينية إلى أربع أو خمس مواد لا يصل المواطن منها إلا مادة أو اثنتان، وإذا أضفنا إلى ذلك حجم البطالة وارتفاع نسبة الأمية والمتسربين من المدارس وغيرها لأدركنا حجم ما ألحقته بنا المحاصصات من مصائب، في وقت كانت الموازنات تقرأ بلايين الأرقام التي لا تعد أصفارها ووعود باستغلال مبالغها في مشاريع للإسكان والعمران لم تر النور إلا في مخيلة مسؤولين استمرأوا الكذب واعتادوه، فهل حقاً انتبه السياسيون إلى ذلك ؟ لا نريد أن نتجنّى على أحد ويكفي مراجعة "صولات" سياسيينا لنعرف مبلغ التشويه الذي لحق بالنظام السياسي، فقد غرقوا بالجزئيات وأضاعوا الحقيقة وتمسكوا بالفئوية على حساب الوطنية الصحيحة، وصاروا يقولون ولا يفعلون فضاعوا في متاهات الامتيازات وأضاعوا علينا فرصاً للتغيير من دونها لا يمكن الادعاء بتحقيق نظام جديد. درس تظاهرات شباط مدعوّ لأن يتوقف عنده السياسي والمسؤول،الأحزاب والمؤسسات، مجلس النواب والحكومة، ويسأل كل واحد نفسه ماذا قدم وكيف تصرف وهل أفاد حقاً؟ كما أنه كان فرصة للتيار الوطني الديمقراطي أن يؤكد حضوره، لكنه ونقولها بكل مرارة فشل في ذلك وما زال. تظاهرات شباط وثبة سلمية للتصحيح والتغيير نحو الأفضل، وكانت فرصة للكتل والأحزاب والتيارات لتجدد ارتباطها وإيمانها بالشعب، فتعمل من أجله وتعيد للشعارات معانيها التي فقدتها في حمّى التصريحات وما أكثرها.
كردستانيات: رسالة الحرية والتغيير
نشر في: 5 فبراير, 2012: 07:31 م