وفاة هبة الدين الشهرستانيشهد تاريخ اليقظة الفكرية في العراق الحديث ، العديد من الشخصيات الروحية المتحررة ، كان لها الدور المشهود في رسوخ المشهد التنويري في الفكر العراقي ، ولعل السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني في طليعة هذه الأسماء اللامعة .
ولد الشهرستاني في مدينة سامراء عام 1884 ،إذ كان أبوه يتلقى العلم هناك على يد كبار علماء عصره ، وفيها تلقى أول دروسه ، ثم انتقل إلى كربلاء وأكمل دراسته في النجف فنال درجة الاجتهاد ، ومنذ وقت مبكر شغف بالتأليف والتصنيف فكتب العديد من الرسائل والحواشي على الكتب المعتبرة ، غير انه أدرك بنباهته أن الكثير من المسلمات السائدة بين الناس ليست لها صلة بالحقيقة وتنافي العلم الذي دعا إليه الدين نفسه . فاعتنق وبشر بالمعطيات العلمية الجديدة ، فضلا عن آرائه المعتدلة والإصلاحية في الدين والمجتمع ، فكانت رسالته الموسومة ( تحريم نقل الجنائز ) من أولى محاولاته الإصلاحية ، ثم كان كتابه ( الهيئة والإسلام ) الذي حاول فيه التوفيق بين الإسلام والمكتشفات الفلكية الحديثة . ثم أصدر عام 1910 مجلة ( العلم ) ، وهي أول مجلة تعنى بالقضايا العلمية وأخبارها في تاريخنا الحديث ، وقد استمرت سنتين ثم احتجبت . وفي الحرب العالمية الأولى ساهم مع السيد محمد سعيد الحبوبي في حركة الجهاد ، وعندما اندلعت ثورة العشرين ساهم بها بكل قوة ، فاعتقل وسجن ثم أطلق سراحه بقانون العفو . وبعد تأسيس الدولة العراقية تولى مناصب رفيعة مثل وزارة المعارف عام 1922 ورئاسة مجلس التمييز الشرعي . كف بصره في الثلاثينات ، فعكف في بيته على البحث والتأليف فضلا عن قرض الشعر، وقد ترجمت كتبه إلى لغات عديدة ، ومن آثاره مكتبة الجوادين العامة في الكاظمية ، التي صارت مجلسه الأدبي وضمنها مكتبته التي أوقفها على المكتبة تلك . وفي مثل هذا اليوم من عام 1967 اخترمته يد المنون ودفن في وسط مكتبته العامة.رفعة عبد الرزاق محمد
حدث في مثل هذا اليوم
نشر في: 6 فبراير, 2012: 08:59 م