هاشم العقابي مر بحياتي شخص ظننته صديقا، فوافيته حق الصداقة وأكثر. وثقت به وكنت اكشف له عن أسراري. وبرغم ان تراثنا الشعبي غني بما يحذرنا من كشف أسرارنا حتى لأقرب الناس، لكن يبدو أن وجودي بين الانكليز، اكثر من نصف عمري، علمني العكس. فالانكليزي، يعتبر اخفاء السر عن الصديق خيانة. وفي هذا يقول الشاعر الانجليزي ويستان اودين، الذي ولد ببريطانيا وعاش قسما من حياته في امريكا:
"انت تعرف انه لا توجد اسرار بأمريكا. لكن الامر مختلف تماما في انكلترا حيث ينظر الناس للسر على انه أساس العلاقة المشتركة بين شخصين". أما ذلك الذي ظننته صديقا، فقد قادتني الصدفة يوما لاكتشف بانه يحتفظ بسجل مكتوب بخط اليد وآخر الكتروني مع ارشيف بالصوت والصورة لكم هائل من الأسرار والمعلومات عن "أصدقائه" والعاملين معه. طبعا كنت انا من بينهم. وحين سألته عن سر احتفاظه بهذا "الكنز"، اجابني ببرود شديد يفوق برودة دمه، انه يحتفظ به لوقت الحاجة! وما هي الحاجة يا صاحبي؟ رد علي بكل "رباطة جأش": اذا فكر أحدهم أن يلعب بذيله في يوم من الأيام "الصمه لصم". سألته: ومين علمك مين هذه "العبقرية" وهذا البرود يا شارلوك هولمز؟ ابتسم، برغم انه من النوع الذي يصعب عليه ان يبتسم، وقال: تعلمت ذلك من الإيرانيين أيام مكوثي بينهم عدة سنين. شوفوا شعلموه الإيرانيين "الأذكياء"، وشعلموني الانكليز "الأغبياء" سامحهم الله؟!ومن يومها مارس أخونا ما تعلمه ببراعة وخفة مستفيدا من ثورة الانترنت و "فيكة" الأسماء المستعارة. وهكذا تجده يجول ويصول مطاردا هذا وذاك بما لذ وطاب من طبخات "كنزه" بعد ان يتبلها بخلطة بهارات لا يجيد صنعها غيره. للحق اقول انه نجح نجاحا باهرا في تسويق بضاعته التي وجدت في اسواقنا العراقية الجديدة مرتعا خصبا للرواج والثراء، فكبر صاحبنا وأثرى ثراءً مبينا. انها سوق "اس لا اطلعه" التي قيل، والعهدة على من قال، بأنها بدأت بـ "بسطية" أو "جنبر" على رصيف في شارع "كوجه مروي" بطهران، أو حي "السيدة زينب" بدمشق، ثم صارت من اكبر وأشهر الأسواق بعد ان انتقلت الى ما يسمى بـ "عراق ما بعد التغيير". وهي السوق التي تحكم العملية السياسية بامتياز في هذه الايام. فالتجار الكبار والاكثر نجاحا وثراء فيها، هم من يمتلكون ملفات ضد كل تاجر صغير أو جديد قد تسول له نفسه ان ينافسهم حتى ولو بعربانة نفط أو كشك لبيع الموبايلات أو "السبح" أو منقلة لشوي الكباب.أذكركم على قاعدة، ان نفعت الذكرى، اني قلت لكم مرة ان هذه "اس لا اطلعه" جاءت في بيت من الدارمي لعراقية مكرودة يوم شكت: الدنيه للتهواه تركص مفرعهومثل أم نغل وياي اس لا اطلعهوان فاتنا ان نسأل صاحبة البيت عن سر بلواها، لانها ربما قالته في زمن لم نكن قد ولدنا فيه بعد، فلنسأل اليوم عنه صباح الساعدي وحيدر الملا وسليم الجبوري، ومن قبلهم طارق الهاشمي. ثم، أخيرهم، وقطعا ليس آخرهم، جعفر الموسوي. ولننتظر الجواب.
سلاما ياعراق : إس لا أطلعه

نشر في: 7 فبراير, 2012: 10:50 م