حازم مبيضين مثلما كان متوقعاً, رفضت قيادات في حركة حماس اتفاق الدوحة على رئاسة محمود عباس لحكومة توافق وطني, وزعمت أن سبب الرفض عائد لمخالفة ذلك للدستور المؤقت, ولا يمثل موقف الحركة لأنه قرار منفرد, سيؤثر سلباً في تماسكها, بل وقد يعصف بوحدتها, والحديث عن قرار منفرد موجه لرئيس المكتب السياسي خالد مشعل, الذي وقع الاتفاق برعاية قطرية, ومن بين الرافضين نائبه موسى أبو مرزوق, ويتحدث الرافضون عن تناقض سياسة الحركة وتوجهاتها مع سياسات عباس وتوجهاته.
بالتأكيد يعرف الرافضون أن القانون الاساسي لايمنع رئيس السلطة من تولي موقع رئيس الوزراء, وإن كانوا يجهلون ذلك فاننا نحيلهم الى المادتين 45 و 46 من ذلك القانون, غير أن الواضح أنه ليس هناك توافق داخل حماس على شغل عباس منصب رئاسة حكومة التوافق، لمجرد أنه قادم من صفوف فتح, وبمعنى أنه بالإضافة إلى التباينات المعروفة داخل حماس, فان تناقضها الرئيس هو مع فتح وليس سواها, وليس مهماً عندها هنا مصلحة الفلسطينيين ولا مستقبل هذا الشعب وقضيته, والمهم هو خوض الحرب حتى النهاية مع فتح ورموزها وسياساتها, وهي بالمناسبة لا تختلف جذرياً عن سياسات حماس المعلنة تجاه التسوية السياسية, أما اللجوء إلى الشكليات من قبيل أمام من سيؤدي عباس اليمين, وهل يقبل بطلب الثقة لحكومته من المجلس التشريعي, فهي مبررات واهية لا تستحق التوقف عندها.الاتفاق على رئاسة عباس لحكومة التوافق, الانتقالية كما ينبغي التذكير,لا يضيف للرجل شيئاً غير المزيد من الأعباء, فهو قبل ذلك رئيس السلطة ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير, والموقع الجديد أدنى منهما درجة, وهو بكل المقاييس ليس أكثر من تدبير مؤقت, الهدف منه الخروج من معضلة عدم الاتفاق على شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء, مع ضرورة التذكير برفض حماس لتولي سلام فياض الشخصية المستقلة المحترمة والمقبولة دولياً لهذا الموقع, بعد أن أثبت نزاهته وجديته في المرحلة السابقة, فقط لمجرد أنه مرضي عنه من الرئيس عباس, الذي لم يفقد يوماً ثقته بصلاحيته أكثر من سواه لهذه المهمة, التي ينبغي التذكير أيضاً بأنها إدارية, لأن الملفات السياسية ما تزال مربوطة بيد عباس وطاقم المفاوضات. مهم هنا ملاحظة أن الرفض الحمساوي يتناقض مع مواقف معظم الفصائل التي أبدى بعضها ملاحظات سلبية عليه, لكنه لم يرفضه, ودعا بجدية إلى التشاور بسرعة لإنجازه, في حين أعربت فصائل أخرى عن ترحيبها به معلنة الأمل تشكيل حكومة التوافق كمقدمة لتنفيذ كل بنود اتفاق المصالحة وإنجاز هدفها بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل, في حين رأى البعض في إعلان الدوحة، تطوراً إيجابياً يجنب الساحة السياسية الفلسطينية الكثير من العقبات التي كانت تعترض تشكيل الحكومة, وخطوة مهمة وحقيقية في إنهاء الانقسام بين الضفة والقطاع, وتوحيد المؤسسات الوطنية.وإذا كان المراقب المستقل يتوقع دعماً فلسطينياً وعربياً وعالمياً لهذا الاتفاق, الذي ترفضه أطراف في حماس, فإن من واجبنا لفت الانتباه إلى الموقف الإسرائيلي, حيث سارعت حكومة نتنياهو إلى رفضه والاعتراض عليه, وهددت بضرب حماس في الضفة الغربية ولوحت بامكانية غزوها خلال الفترة المقبلة, وانتقد نتنياهو الرئيس الفلسطيني، قائلا انه اختار نبذ درب السلام واعتناق فكر حماس, وهل نجانب الصواب حين نسأل عن هذا التوافق في رفض الاتفاق بين نتنياهو وبعض حماس الحاكم في غزة.
في الحدث :حكومة عباس تشق حماس
نشر في: 7 فبراير, 2012: 10:51 م