TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :ديمقراطية الشيوخ

في الحدث :ديمقراطية الشيوخ

نشر في: 8 فبراير, 2012: 08:01 م

 حازم مبيضين المرحلة السياسية الجديدة في الكويت تؤكد ديمقراطية الحكم, رغم أنه في الأساس غير مختلف عن نظام القبيلة, حيث للشيخ الكلمة الأولى والأخيرة, وما على الجميع غير السمع والطاعة, بيده مقاليد الأمور يعطي من يشاء ويمنع عن من يشاء, مع اختلاف المظاهر والأساليب، لكن الحكمة دفعت الحاكم للقبول بالإرادة الشعبية, تماشياً مع التقدم في فهم العلاقة بين الحاكم والمحكوم, وتطويراً للعقد الاجتماعي مع الأمير, لكن السؤال الذي يطرحه تكرار تجربة الانتخابات,
دون أن يتمكن عدد من المجالس النيابية من إتمام الفترة الدستورية, عن طبيعة تلك التجربة, والعوامل المتحكمة بها بحيث يبدو للناظر عن بعد, أن هناك تشوهاً في بنيتها ومضامينها. صحيح أن فكرة المعارضة كانت غريبة على المجتمع الكويتي في بدايات التحول إلى الديمقراطية, واقتصرت على عدد قليل من المتعلمين والحزبيين, وكانت تقوم بدور مزعج للحكومات, وإن يكن غير فاعل, لكنها اليوم تجذرت وتمددت, لكنها ظلت معترفاً بها ومحترمةً من قبل الحاكم امتثالاً للدستور, وهي اليوم بوجهي العملة الواحدة الاسلاموي والقبلي تمتلك الغالبية, مع أن الشائع والمعروف أن المجتمع الكويتي واستطراداً الحكومات أميل إلى الوسطية والحداثة, فهل يعني ذلك أن هناك تحولاً في المفاهيم الاجتماعية أم أنها فورة وتزول بمرور الايام وتبين نتائج التجربة.المعارضة الجديدة كما هو واضح حتى اللحظة, لاتختلف كثيراً عن معارضات المجالس السابقة, وهي تتميز بفقدانها برنامجاً إصلاحياً واضحاً, ليس بمعنى المطالبة بتغيير النظام, وإنما بتملكها برامج اقتصادية واجتماعية وسياسية واضحة, تسعى لبلورتها في بنية الحكم والمجتمع, وهي متهمة مع سابقاتها بتعطيل الحياة التشريعية, وتلك هي مهمتها الأساس لو كانت تمتلك برامجها, والمنتظر بحكم التركيبة الحالية للمعارضة, أن تسير على خطى من سبقها بالتفرغ لمناكفة الحكومات بدل مراقبتها, وبما يعني إهدار الوقت والجهد في استجوابات استعراضية متتالية, لن يعرف أحد إن كانت مجرد مناكفات ذات طابع شخصي أو حزبي, أو هي نابعة من دوافع سياسية تستهدف الإصلاح. التجارب الأخيرة للمجالس النيابية, (أربعة كما ينبغي التذكير), لم تكتمل, بحيث يتاح للناخبين التأكد من قدرات أعضائها ونواياهم في المناقشات التي كانت منتظرة للخطط والتشريعات, التي تقدمت بها الحكومات, والخوف اليوم أن تكون التجربة الأخيرة مشابهة لما سبقها, وبما يعني أن تظل الدولة منشغلة بالانتخابات, وتظل السلطة التنفيذية عاجزة عن إدارة البلاد, والحاصل أن التهم المعلبة, والجاهزة سلفاً للحكومات بعدم امتلاك رؤية واضحة, أو قدرة على تفسير دوافعها لبعض المواقف السياسية, والقرارات خصوصاً ذات البعد الاقتصادي, تشي بأن تجربة المجالس السابقة سوف تتكرر إلى أمد غير قريب. وبعد, فان ما يعنينا في التحول الأخير أن تأخذ الديمقراطية في الكويت طريقها الصحيح, بتعديل الدستور وإعادة تنقيحه, وهو ما يطالب به الأمير قبل المعارضة, وبحيث يتم اختيار رئيس الحكومة والوزراء من الأغلبية النيابية, والترخيص للأحزاب السياسية القائمة فعلاً, للقيام بدورها المطلوب في إثراء الحياة السياسية, بعد أن باتت الحاجة ملحةً للانتقال من ديمقراطية الشيوخ بما لها وما عليها, إلى ديمقراطية الدولة المدنية التي لم تعد تتناسب مع ما كان سائداً قبل نصف قرن من هذه الأيام, ولعل ذلك هو ما سيميز مجلس النواب الحالي عن ما سبقه, والمؤكد أن الحوار السياسي الراقي والمتزن هو ما سيقود إلى ذلك وليس المناكفات والاستعراضات الخطابية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram