علاء حسن ما حصل في الثامن من شباط في العام 1963 ليس حدثا عابرا في التاريخ السياسي العراقي الحديث، ويكفي أن العشرات من السياسيين أصحاب التوجه الديمقراطي، ذكروا في مذكراتهم المنشورة بان ذلك اليوم كان الخطوة الأولى للتوجه نحو النظام الديكتاتوري والقضاء نهائيا على اية تطلعات ديمقراطية، فضلا عن ترسيخ حكم العسكر وتشريع الأبواب أمام تنفيذ انقلابات متلاحقة، وتغيير النظام ببيان رقم واحد والسيطرة على مبنى الإذاعة الرسمية.
وفي ذلك اليوم فقد العراق آلاف الشخصيات السياسية والأكاديمية باعتماد رجالات الانقلاب التصفية الجسدية للخصوم فترسخت حقيقة أن التاريخ يكتب بإزاحة الآخر وبمزيد من الدماء من اجل الاحتفاظ بالسلطة، وإدارة دفة الحكم بنزق وحماقات مسؤولين شغلوا مناصبهم بلحظة عابرة من الزمن، بفضل دعم إقليمي ورشاشات بور سعيد المصرية او بقطار أميركي قادهم لمواقعهم وقتذاك.بعد تسعة وأربعين عاما على" انقلاب 8 شعواط" على حد وصف المتضررين من مخلفاته وبما يحملون من معاناة مريرة من آثاره، هناك من يحتفظ بقلقه ومخاوفه من تكراره، لان مبدأ التداول السلمي للسلطة يخضع للتأويل والتفسير والاجتهاد، والخشية من تنفيذ انقلابات عسكرية ماثلة في أذهان البعض، لان المتصدين للعملية السياسية في العراق الآن، لم يتفقوا بعد لجعل الدستور مرجعية ثابتة لهم، بل أصبح مثار خلاف دائم بينهم، فضلا عن وجود خجل واضح لدى أطراف مشاركة في الحكومة من إعلان موقفها الرافض لما خلفه النظام السابق الذي يعد امتدادا ليوم "8 شعواط"، من تركة ثقيلة، تحتاج إلى وقفة وطنية جادة لمعالجتها، وخصوصا في ما يتعلق بتغيير معالم الجغرافية العراقية بقرارات تعبر عن نزعة عنصرية شوفينية.النظام السابق كان يسمي انقلاب شباط "عروس الثورات" لأنها مهدت الطريق لحزب البعث لتولي السلطة في 17 تموز من العام 1968، بثورة بيضاء، سرعان ما خضعت في الثلاثين من ذلك الشهر لحركة قيل وقتذاك، أنها تهدف للتصحيح، بمعنى آخر إيجاد ارتباط شرعي بين البيضاء والعروس وصولا إلى إنجاب ديكتاتور يحسن استخدام سيفه "العروبي" في قطع رؤوس من يعترض على سياسته وممارساته داخل حزبه، أما المعارضون له، فانتشروا في المنافي او في المقابر أو في أقبية ودهاليز مقرات الأجهزة الأمنية، وهذه الصورة من التاريخ العراقي لا يتمنى احد من الجيل السابق أو الحالي استنساخها، ومن يصر على تكرارها فاته الزمن لإيجاد شعواط جديد. بعد انقلاب 8 شباط كان رجال الحرس القومي يجبرون المطربين الذين يؤدون وصلاتهم الغنائية في الأفراح مقابل أجور، وبرغم قلتها في ذلك الوقت، على أداء أغانٍ تشيد برجال السلطة والحزب الحاكم، وفي حفل عرس اقيم في مدينة الحرية وبالتحديد في منطقة الدباش خضع مطرب ريفي معروف آنذاك لطلب الحرس فغنى ابوذية "حزب ثوري وقيادة يعربية" انهاها ببستة "مالي صحت يمه احاه جاوين أهنه" فأثار غضب عناصر الحرس لاعتقادهم بان المطرب كان يقصد الزعيم عبد الكريم قاسم.
نص ردن: 8 شعـواط
نشر في: 8 فبراير, 2012: 09:21 م