علي حسينقرأ الناس رسالة الخلاف بين دولة القانون والعراقية منذ اللحظة الأولى وعرفوا ان الامر اكثر من خلاف سياسي. دققوا جيدا فى التصريحات التي خرجت من كلا الطرفين اللذين شاركا في مباراة الهاشمي والمالكي، وراجعوا الهتافات التي انطلقت في الفضائيات وبين اروقة البرلمان، وقارنوا بين كل ذلك وبين ما جرى خلال الشهر الماضي،
فاكتشفوا مثلما اكتشف ابسط عراقي ان الكارثة السياسية الاخيرة مدبرة ومخطط لها جيدا لمواجهة فشل الحكومة ومعها جهات تنفيذية في توفير الحد الادنى من الخدمات والامن، فعلى طريقة "نحن او الخراب" تدار المعارك السياسية لابتزاز العراقيين بفزاعات الانقلابات العسكرية مرة ومرات بوضعهم امام صور شديدة القتامة والخوف إن هم لم ينشغلوا بالحديث عن معركة داحس المالكي وغبراء الهاشمي، غير ان كلفة الخلاف على المنافع والغنائم والاستحواذ بين دولة القانون والعراقية هذه المرة جاءت افدح واغلى من سابقاتها بكثير، شهداء وجرحى بالمئات وعوائل منكوبة بفقدان ابنائها إنها لم تكن مباراة في الخطابة بين عباس البياتي وحيدر الملا، ولا معركة كلامية بين العسكري والمطلك، بل هي معركة سياسية دامية ضد التغيير في العراق وضد الديمقراطية وضد حقوق المواطنين في مجتمع يحترم آدمية الانسان، خطط لها ونفذها ساسة همهم الوحيد البقاء اطول فترة ممكنه على كرسي السلطة، في توقيت بالغ الدلالة بعد ايام قليلة من انسحاب اخر جندي امريكي من العراق، وهو اليوم الذي قايضنا فيه الانسحاب الأمريكي بشعار رفعه الجميع "انا او الخراب" فما هي إلا ساعات حتى كان الساسة يقيمون مهرجانات للثار على وقع اناشيد ام المعارك نسخة 2012من العبث أن يحاول البعض قراءة ما جرى بعيدا عن فوضى الشغب السياسي الذي يمارسه معظم المسؤولين، ومن المضحك ان يحاول البعض وضع تسميات لما يجري بعيدا عن معارك المصالح والمنافع لسياسيين يغيرون جلودهم ويتلونون في كل مكان وزمان، ولهذا فلا اعتقد ان اجتماعا مهما كانت النوايا المخلصة لعقده سيحل المشكلة القائمة ولن يجدي نفعا تغير الاسم من المؤتمر الوطني الى الاجتماع الوطني كما بشرنا المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، فالمشكلة الحقيقية اننا اليوم نعيش في ظل سياسيين بلا رؤية، لا يعرضون أفكارا ولا يطرحون سياسات، ولا يفرقون بين كلمة " نحباني " و " تحياتي " التي لا يزال يضحكنا فيها الراحل سليم البصري كلما ظهر على شاشة التلفزيون، عندما يقول علاوي انه لن يحضر الاجتماع دون ضمانات، وعندما يقرر المالكي ان رئيس القائمة العراقية لم يعد شريكا سياسيا، فهذا يعني ان الجميع مصرون على مواصلة ذلك الخطاب المحرض على الفوضى السياسية، هذه الفوضى التي تجعل من اجتماعات القادة مجرد دراما اجتماعية تنتهي بوعود وأمنيات واحتمالات أكثر مما تقر بالتزامات واستحقاقات وإجراءات عملية ملموسة، وللأسف ان الناس التي تتابع هذه اللقاءات سيرمى لها بالفتات من التصريحات، باختصار شديد فإن اجتماعات السياسيين تجري وفقا لمبدأ " اعطني حتى اعطيك " " وهو مبدأ يصلح للتفاوض بين التجار والمقاولين لكنه لا يصلح بالتأكيد لإدارة البلاد.السيد المستشار حتى البشارة التي "زففتها" الى العراقيين لن تغير من الامر شيئا فنحن ندرك جيدا ان معظم السياسيين سيذهبون الى الاجتماع ايا كانت تسميته وهم مسكونون بأحلام الحصول على مغانم ومنافع لا تتعدى تحقيق مطالب شخصية او حزبية، فمنهم من لم ير أبعد من غنيمة الحصول على منصب سياسي، وآخر يصر على ان يستحوذ على كل شيء وأي شيء، فيما المواطن يتمنى ويدعوا الى الله ان يكتفي اجتماع الساسة ببيانات وتصريحات فضائية لا تتحول ذات صباح غائم الى مفخخات وعبوات وكواتم يذهب ضحيتها هذا الشعب المغلوب على امره.
العمود الثامن: قل "اجتماع" ولا تقل "مؤتمر"
نشر في: 8 فبراير, 2012: 10:17 م