بغداد /المدى رغم أن مصلحة الطالب العلمية والعملية تتطلب منه أداء واجباته وإجراء بحوثه بنفسه ورغم أن القوانين والأنظمة العامة تمنع شراء البحوث أو تكليف الغير بإجرائها إلا أن اعتماد الطلاب على غيرهم في إجراء البحوث وتوجههم نحو مراكز خدمة الطلاب لهذا الغرض وكثرة الإعلانات عن المدرسين الخصوصيين وعن الاستعداد لإجراء البحوث وطباعتها وانتشار ذلك في جميع المناطق واقترابه من قلاع العلم والبحث
(الجامعات)، وعدم وجود رادع لأولئك المتاجرين والمنتفعين.. كل ذلك قد زاد من الأزمة وكاد يحولها إلى ظاهرة تستوجب الوقوف عندها والبحث عن حلول جذرية لها. على واجهات بعض المحال القريبة من الجامعات تكتب : "توجد لدينا بحوث تخرج للاختصاصات العلمية والإنسانية" هذا كان احد الإعلانات الملصقة على واجهة احد المكاتب في منطقة الباب المعظم وإعلانات أخرى مشابهة له اخترقت الحرم الجامعي لتستقر على جدران بعض الكليات، الأمر الذي استفزني ودفعني للغوص في أعماق هذه الظاهرة .وللاطلاع على وجهة نظر الطلاب حول ظاهرة لجوء بعضهم إلى مراكز خدمة الطلاب لشراء أو إجراء البحوث التقينا بالطالب نايف المطيري من كلية اللغات والترجمة الذي أوضح وجهة نظره بقوله: إن السبب في ذلك قد يعود لوجود الكتب والمراجع لدى مراكز التصوير كما لا ننسى أن لشبكة الإنترنت دوراً كبيراً في البحث عن المعلومة وتسهيل عملية الوصول إليها بأسرع وقت ممكن، ما أدى إلى تكاسل الطلاب عن ممارسة البحث الميداني، وأضاف: من جانب آخر وحول اهتمام أعضاء هيئة التدريس بالبحوث الطلابية فإنني وجدت من خلال دراستي وتخصصي حرص الأساتذة على متابعة الطلاب ومناقشتهم في البحوث أثناء وبعد إنهائها وإعطاء الدرجة الكبرى للطلاب الذين ثبت أنهم أجروا بحوثهم بأنفسهم.الطالب مهند عبيد من كلية الهندسة فيرى بأن العامل الأكبر وراء انتشار هذه الظاهرة بين الطلاب هو الإهمال والكسل وضيق الوقت ما يدفع الطلاب إلى الانتهاء من البحث وإنجازه بأي طريقة كانت قبل اقتراب موعد الامتحانات النهائية فيلجأ إلى مراكز خدمة الطلاب أو المدرسين الخصوصيين. ثم هناك عامل آخر يتمثل من وجهة نظري في قلة اهتمام الأساتذة وقلة متابعتهم للطلاب في البحوث التي يقدمونها وأنا أقول هذا الكلام من خلال التجربة والواقع.الطالب سلام وليد من كلية العلوم فسّر هذه الظاهرة من زاوية أخرى فقال: إن طلب الأستاذ للبحوث في وقت متأخر وقبل أسابيع معدودة من بدء الاختبارات النهائية يدفع الطالب إلى اللجوء لمثل تلك الوسائل والظواهر السلبية من خلال مراكز خدمة الطلاب.كما أن الإعلانات الكثيرة المتوفرة والقريبة من الجامعة ومن المراكز والمجمعات التربوية والتعليمية سهلت المهمة وأغرت الكثير من الطلاب لارتياد تلك المراكز وطلب تلك الخدمات ودفع مبالغ طائلة أحياناً مقابلها.كما لعبت الظروف الأمنية التي مر بها البلد دورا كبيرا، والتي كانت حائلا دون حصول الطلبة على مصادر وعدم قدرتهم على الذهاب إلى شارع المتنبي أو المكتبات المركزية، إضافة إلى الانقطاع المتواصل للكهرباء وخطوط الانترنت، ناهيك عن تغيبهم المستمر عن الدوام، كل تلك الأعذار وجدت طريقها لتكون سببا في اعتماد الطلبة أسهل السبل للحصول على النجاح. وتحدث ابو محمد صاحب احد المكاتب الخاصة بإعداد البحوث عن أسعار البحوث وبعض أسرار هذه التجارة فقال: "أسعارها غير متساوية وتعتمد على نوع البحث فبعضها سهل ويكون سعر الصفحة 500 دينار أو 750 ديناراً بينما تصل أسعار البحوث الصعبة 2500 دينار. ويتم استخراج هذه البحوث من الانترنيت بشكل خاص، وأغلبها مقالات وبحوث جاهزة، فلا يتعب في إعدادها صانع البحوث بل يقوم بتغييرات بسيطة. وعادة يعمل شخص متخصص لدى مكاتب الاستنساخ في كتابة البحوث ويكون صاحب شهادة عليا أو متمكنا من عملية إعداد البحوث مقابل راتب من صاحب المحل أو نسبة معينة". في إحدى المرات وقفت أستاذة تدرس في إحدى الجامعات بباب احد المحال مستنكرة بيع البحوث كونه إفسادا للطلبة فأجابتها صاحبة المحل "لأن أسلوب تدريسك فاشل فلو كنتم علمتم الطلبة الحرص وأهمية العلم والبحث لما جاءوا إلينا". فهل العيب هو في الأستاذ فعلا؟؟
العجز العلمي.. طلبة جامعات يشترون بحوثاً جاهزة
نشر في: 11 فبراير, 2012: 07:56 م