وديع غزوان أربيل عاصمة للسياحة العربية ..هكذا هو العنوان الذي تناقلته وكالات الانباء ومن حق كل واحد ان يتوقف عنده لما يحمله من دلالات تتجاوز الجانب الفني وما شهدته هذه المدينة من تطورات ونهضة عمرانية استحقت بموجبها ان تشترك في المسابقة ، فاختيار أربيل عاصمة إقليم كردستان ممثلة عن العراق لتكون عاصمة السياحة العربية يعكس مدى النجاحات التي تحققت في الإقليم خلال فترة وجيزة ،
وعلى مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جعلت من مدنه واحات امنة في واقع مضطرب . وقد يكون النجاح الاكبر الذي يسجل لكردستان هذا الحرص الكبير من الجميع ، نظاما ومعارضةً على وحدة البيت الكردي واتفاق ضمني وغير مكتوب للحفاظ على التجربة التي لم يجرؤ احد ، مهما كان موقعه على تجاوز تضحيات الشعب الكردي وادعاء طرف امتلاكه وحده حق الحفاظ عليها ، واختيار صناديق الانتخابات كفيصل في تحمل عبء مسؤولية قيادة التجربة ، وترك فسحة للمعارضة لكي تمارس حقها في النقد والرقابة على وفق الصيغ الديمقراطية والقانونية . من المعروف ان هنالك وجهات نظر متباينة بين الحزبيين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين من جهة واحزاب المعارضة من جهة اخرى ، تصل احياناً الى مسافات كبيرة ، غير ان هذا لم يصل يوماً الى خطر تهديد ما انتجته تضحيات الكردستانيين جميعاً او تعطيل مهام البناء ، وهو ما ساعد على المضي قدماً بازالة اثار الماضي المرير والانطلاق الى امام بخطوات واثقة كان من نتائجها ارتفاع دخل ومستوى معيشة المواطن الكردستاني وتوفير الخدمات الضرورية له من صحة وتربية وكهرباء وماء وغيرها . قد يعتقد البعض ان ظروف ما بعد عام 1991 منحت الإقليم ظروفاً مواتية ساعدته بعد 2003 على تحقيق هذه النجاحات ، غير ان واقع الحال يشير الى عكس ذلك فقد تعرضت مدن كردستان واهلها في تلك الفترة الى تحديات ومشاكل لم يكن من السهل تجاوزها او تخطيها بغير ارادة قوية وصادقة ، تحديات ومخاطر معروفة بقيت اثارها لفترات ليست بالقليلة تنعكس على الاداء الحكومي والبرلماني على حد سواء ، واذا اضفنا الى كل ذلك حجم الدمار والخراب الذي ورثته القيادة الكردستانية لادركنا حجم المهمة الصعبة ليس في الحفاظ على التجربة بل تطويرها لتكون بحق بمستوى التضحيات التي قدمت من اجلها . وربما من المهم الاشارة هنا الى طبيعة الجهد المبذول من اجل ازالة الصورة المشوهة عن التجربة الكردستانية التي اراد البعض ان يرسخها في عقول الدول المجاورة العربية منها بشكل خاص وايران وتركيا ، ويكفي الاطلاع على عدد القنصليات العاملة هناك و حجم الاستثمارات ، لنعرف ان التجربة تتجاوز كلمات المديح والثناء ، خاصة وان مسؤوليها بمختلف المستويات لا يبرحون عن الاعتراف بصراحة وصدق عن بعض النواقص والاخطاء ودعوة الجميع الى الاخذ بيدهم من اجل تجاوزها . ولا نعتقد اننا نجانب الحقيقة اذا قلنا ان الموقف الصريح هو احد اسباب هذه النجاحات وهو ما يجعلنا نتمنى على سياسيينا الاستفادة منها .
كردستانيات: تجربة وتحدّيات
نشر في: 11 فبراير, 2012: 09:29 م