TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية:مذهب الحوار

أحاديث شفوية:مذهب الحوار

نشر في: 11 فبراير, 2012: 10:48 م

 احمد المهنالا تجد بين الإعلاميين والمثقفين من ابناء جلدتنا من لا " يؤمن" بأن " الحوار" هو الوسيلة لتنمية العقل، واشاعة التسامح، وتوسيع الحرية، ثم خصوصا لتسوية النزاعات السياسية التي ابتلي بها العراق، ووضعته على مدى السنين الطوال، بين الآلام والحروب وبين التهديد بالعودة اليها، بين التقدم خطوتين الى الأمام، وبين التلويح بالعودة الى "نقطة الصفر" او " المربع الأول" بتعبير آخر، وما أبشع التعبيرين!
ولكن يحق للمرء ان يتساءل عما اذا كان مثل هذا الإيمان بالحوار حقيقيا. وأظن ان الجواب لا يخفى على المواطن المستريب ولا القارىء اللبيب. كلاهما يعرف ان الإيمان بالحوار يكون حقيقيا اذا ترجم الى الواقع: أي اذا أمكن للحواس الخمس التعرف عليه لدى أوساطنا الإعلامية والثقافية، من خلال أشكال ومضامين أدواتهم او موادهم المستخدمة في اللغة المكتوبة، والأكلة المطبوخة، والرائحة المشمومة، واللغة المنطوقة، والمصافحة الملموسة.أما بالنسبة الى الأكلة المطبوخة، فلست على ثقة من أن المفرطين في تناول اللحوم، والباجة خصوصا ثم خصوصا، يمكن أن يعتنقوا مذهب الحوار. ولأخلصكم القول فأنني أعد نفسي بين هذا الفريق من الناس، الذي يحتاج برأيي الى مجاهدة النفس جهادا شديدا حتى يروض، ويتعلم، ويتخرج ناجحا نجاحا مشهودا من جامعة الحوار.ولربما يمكن ان ينضم الى عداد هذا الفريق أصحاب الشدة في المصافحة، والحدة في الرائحة، والتوتر في الكلمة، والعنف في اللغة. ان هؤلاء جميعا هم فريق الدكتاتورية، وسيأتي عليهم يوم يتملخون فيه تمليخا!وها اني سهوت عن نفسي، عندما حررتها لحظة من الرقابة، فظهرت مكنوناتي الدكتاتورية، واضحة جلية، في فعل "التمليخ" وفي مفعوله المطلق! ألم أقل لكم انني أنتسب الى هذا الفريق؟ على ان الحسن في هو هذه المراجعة السريعة للنفس ، ثم سرعة تذكر مقررات الدراسة في جامعة الحوار. ومن ثم التصحيح.وكيف سأصحح " التمليخ"؟أخجل منها أو أتذرع بأنني أوردتها على سبيل التمليح المقصود فيه التوضيح. فهل هناك أوضح من ان " التمليخ" مفردة لا توجد في قاموس " الحوار"؟ على أن الخجل خيار أجمل، لأنه أصلا من أبناء رقة الإحساس. الخجل أشبه بإرتعاشة الوردة عندما تسقط عليها قطرة.وخلاصة رأيي هي انه من خلال حالة الحوار، الصحية أو المرضية، تمكن رؤية اتجاه مستقبل البلد، وصورة مصيره، وما اذا كان سائرا في مكانه أم الى أمام نحو الإستقرار والعمار.وكنت ومازلت اعتقد ان للثقافة والاعلام دورا يفوق دور الساسة في توجيه مصائر البلدان. صحيح ان شر الساسة ، كما خيرهم، ليس قليلا على الإطلاق. لكنني اعتقد ان خيرهم وشرهم ليس الا تحصيل حاصل الأفكار والمعتقدات والمذاهب السائدة في المجتمع. وإن هذه الأفكار ونظائرها يصنعها أو يروج لها مثقفون ورجال دين، أو ما يسمى بشغيلة الفكر التي تملأ الرؤوس تعصبا وعدوانا، أو تسامحا وسلاما.ان الأمر يتعلق بسعة الأفق، ورحابة الصدر، والإحترام الشامل: هذه هي أساسات الحوار، وهي ، للأسف، واهية في المجتمعات الممتحنة بالبؤس والألم. وكلما تخففت المجتمعات من ظروف التطرف في المعاناة اشتدت دورة الحوار. ولذلك بدأت حكمة الكتاب العزيز بالرحمن الرحيم، أي الرحمة، وما أعظمها من بداية!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram