ماجد موجدسأزعم هنا بل أؤكد أنني ضد الحاضن المؤامرتي الذي يساق إليه كل شأن من شؤون حياتنا العربية حالما نصاب بالفزع من فداحة خيبتنا، ولكن ما اكتبه هو مجرد أسئلة تتعلق بتلك المقولات الكثيرة التي تجري بشكل متسارع ومرعب ومريب
لتعزز ما أعلنه قبل أيام داهية السياسة الأميركية العريق هنري كيسنجر ومفاده (وانقله هنا بتصرف): إن حرباً ثالثة تضرب لها الصنوج والطبول والدفوف وينفخ لها في الأبواق ومن لا يسمعها ففي أذنيه وقر ويعاني من صمم.هذا هو المانشيت الرئيس لتصريح كسنجر مؤخراً، انه يزجي للعالم بشارة من أن حرباً ثالثة على وشك الاندلاع وستكون ـ بدايتها ـ بين الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا وإيران من جهة أخرى. ثم يمضي لإعطاء أدلته التي تعزز قوله بأثر رجعي حيث يشير إلى أحداث كبرى كان من المفترض أنها من القضايا الطبيعية التي صنعتها ظروف بعينها، لكن كيسنجر يعدها جزءا من ترتيبات استباقية بعيدة الأمد كما هي دائما إستراتيجية أميركا، فهو يرى أو (يؤكد) أن التفاف الدول الأوربية مع بعضها وإنشاء كيان الاتحاد الأوربي لهو أمر مخطط، تهيئاً لاندلاع تلك الحرب تاركاً لحرية التأمل ما هو دور أوربا وعلى وفق ماذا تم إقناع قادتها أن تلتئم من اجل حرب ستكون قاسية وان أميركا هي المنتصر الوحيد فيها كما ذكر ذلك بعقلية المتيقن..؟ بل أن كيسنجر ـ وهو واحد من أهم واخطر أساطين صناع السياسة الأميركية منذ منتصف الخمسينات حتى منتصف السبعينات ـ يؤكد أن أميركا حين تركت روسيا بل وأعانتها أيضا على المعافاة من الإرث السوفييتي السابق وخساراته وكذلك غض الطرف عن الصين لتزيد من قدراتها العسكرية، كل ذلك كان جزءا من خطة واشنطن لإعادة الهيبة لهاتين القوتين، لأن هذه الهيبة ـ حسب رأي كيسنجر ـ هي التي ستكون السبب في سرعة زوال كل منهما.وبعد ذلك يرى العجوز السياسي، الذي عُدّ تصريحه الأكثر شيوعا في صحافة العالم، أن المراد الأول والأساس لأميركا ـ ستبدأ لعبة الحرب أولا ـ هو التخلص من سياسة وقوة إيران على اعتبار أنها العقبة الأكبر بسبب سياستها وموقعها اللذين مكناها من أن تكون اللاعب الأكثر تأثيراً في المحيط النفطي الأهم في لعبة الاقتصاد العالمي، لكن بما أن كل من الدبّ الروسي والتنين الصيني حسب وصفه لن يكون موقفهما موقف المتفرج لذلك سيكونان الجبهة الأكثر قوة والأسرع في الانهيار ايضاً، على وفق المخطط المرسوم بقديمه وجديده. وثمة الكثير مما قاله كسنجر ـ إثناء احتفاله في عيد ميلاده الخامس والثمانين ـ يشي ويؤكد على أن حربا عالمية ستندلع قد خطط لها منذ زمن بعيد. حسنا إن كان الأمر هكذا، أعني إن كانت أميركا تخطط لحرب ثالثة بهذه العقلية الإستراتيجية الاستباقية وبهذا الأثر الرجعي البعيد بزمنه، لتكون هي السبب في تغيير خارطة ونظام قارة كبرى مثل أوربا ومن ثم تغامر بدعم أعدائها (الاشتراكيين) في خلال يقينٍ أن تقويتهما سيكون سببا في انهيارهما أمام قوتها وخبرتها فأين ما يجري في محيطنا العربي المسكين من هذا المخطط؟لا أريد استثمار تصريحات كيسنجر وفقها اربط كل الأحداث التي حصلت في المنطقة العربية خلال العشرين سنة الماضية أو حتى قبل ذلك ولكن ليكن الأمر اقرب من ذلك بكثير وهو ما حدث ويحدث منذ ابتداء مناخ الربيع الثوري ونتساءل: هل مساندة ومباركة أميركا للثورات العربية نظيفة؟ بل قبل ذلك هل بدأت وجرت تلك الثورات خارج إرادتها؟ ثم وجدت نفسها أمام أمر واقع ولذلك صارت تدعم وتساند ثواراً خلفوا محيطاً إسلامياً ذا مرجعيات راديكالية؟ ـ معروف حجم العداء الذي تكنه لأولئك (الإرهابيين) ـ بمعنى لو أننا وثقنا بأمر أن أميركا تفاجأت في بداية الأحداث في تونس غير أنها ما لبثت أن ركبت موجة رغبة الشارع التونسي إيماناً منها بضرورة مساندة التونسيين للتخلص من (ابن علي) فهل تفاجأت أيضا بما حدث في مصر لتركب الموجة ضد مبارك، رجلها الأول بالمنطقة، وتدعم شعب مصر لينعم بالحرية والرفاهية؟ وهل تفاجأت أيضا حين فاز أعداؤها (الإرهابيون) في الانتخابات الديمقراطية النزيهة؟ أم أن أميركا لم تتفاجأ بل هي رغبت في حكم الأحزاب الإسلامية في الدول المحيطة بربيبتها إسرائيل (وبهذه البساطة) على أنهم أفضل لإستراتيجيتها في حال اندلعت حربها الثالثة كما يؤكد كسنجر؟وهل خلق حالة من العداء بين الشعوب العربية وجيوشها ـ لاسيما في مصر الآن ـ أمر طارئ خلقته ظروف تداعيات الثورات فعلا؟ دخول تلك الجيوش في أحداث حرب شوارع ليصيب أفرادها وقادتها الإنهاك والضعف وفقد المعنويات بسبب طبيعة الحرب فهي حرب ضد شعوبهم، وبالمقابل دخول الشعوب في حالة حقد وكراهية وعدم ثقة بالجيش من جهة، ومن جهة أخرى حالة قلق وانهيار بسبب الدماء التي تسفك كل يوم من أبنائها وعلى يد أبنائها؟لنترك ما قاله كسنجر ونعده هلوسات وان كل ما جرى ويجري هو حالة طبيعية وما من حرب ثالثة ولا هم يحزنون ولنترك أيضا كل التحليلات لمراقبين استراتيجيين ومتخصصين أكدوا ما ذهب إليه كيسنجر، بل كان عدد منهم قد أشار الى تلك الحرب ومخططاتها قبل كيسنجر وان كانت التفصيلات مختلفة لكن بعضهم أكد مكان بد
عن حربٍ عالمية ثالثة..التمساح الجريء في مضيق هرمز؟
نشر في: 12 فبراير, 2012: 08:00 م