وديع غزوان مثلما يمنح الموقع للمناطق الحدودية ميزات ايجابية عن غيرها من المدن كونها معبراً تجارياً يوفر فرصاً لا تتوفر في المدن الأخرى البعيدة ، فإنه يحملها أعباء أمنية وخدمية تجعل سكانها في موقع الخطر والمعاناة والحرمان شبه المزمن . ومن الطبيعي أن تتراوح نسب تطور هذه المدن الحدودية من دولة إلى أخرى لأسباب في مقدمتها تقدم هذا البلد وقدرته على مواكبة المتغيرات، إضافة لنوعية النظام ورقيه .
وفي العراق ظلت المناطق الحدودية تعاني من إهمال مزمن طال أمده رغم أنها شهدت ملاحم جهادية كبيرة لم يسلط الضوء عليها وبشكل خاص في الأهوار وإقليم كردستان، بل ربما لم تحظ بزيارة مسؤول بل بعيدة عن الاهتمام الذي يفترض أن يتناسب وتضحيات سكانها، إضافة الى عوامل أخرى عديدة من بينها الموقع. ومنطقة بالكايتي في قضاء جومان واحدة من مدن صغيرة وفقيرة وضع - موقعها المحاذي للحدود الإيرانية - سكانها في موقف التحدي دائماً خاصة في ظل ظروف الحركة التحررية الكردية وصراعها المرير مع أعداء حقوق الكرد المشروعة ، كما أنها معبر تجاري مهم كونها تقع على الطريق الرئيس الذي يربط مدينة أربيل بمعبر حاج عمران الحدودي والمسمى بطريق هاملتون، ما يعطي عملية النهوض بها وتطويرها ميزتين: الأولى الوفاء، والثانية اقتصادية، وكلتا الحالتين مهمتان وتعكسان صورة مغايرة لما ألفناه في دولنا النامية بحسب التعبير المخفف والمهذب الذي نوصف به .نعتقد أن سعة صدر المسؤولين في كردستان تتسع لملاحظاتنا بشأن مطالب أهالي بالكايتي التي عرضوها على رئيس حكومة الإقليم الدكتور برهم صالح والمفرح انه لم يبرر ولم يعط الأعذار بل قال "إنكم تستحقون كل خدمة والتفاتة، وان كل ما تحقق إلى الآن في المنطقة ليس في محل رضا عندنا ولا عندكم، إلا أن برنامجنا المقبل سيولي مزيداً من الاهتمام بهذه المنطقة، التي قدمت تضحيات لا تحصى"، داعياً في هذا الصدد إلى أن تزور المنطقة لجنة برلمانية. نعرف أن الإقليم مر بظروف صعبة وقاهرة ما زالت بعضها موجودة، غير أن من حق أهالي القرى النائية والحدودية وهي تسمع عن مستويات النهضة والعمران التي تشهدها مراكز المدن والاقضية، أن يتمتعوا بجزء منها، مع الإشارة الى ان هنالك خطة في الإقليم منذ سنوات للإسراع بإيصال الخدمات الضرورية كالكهرباء والماء الصافي والصحة الى هذه المناطق، غير أن مستوى التنفيذ ما زال دون مستوى الطموح. قد يكون استشهاد شاب من أهالي منطقة بالكايتي في حادث إجرامي مروع واعتصام أهاليها خمسة ايام انتهت بزيارة رئيس الحكومة للمنطقة، فرصة جديدة للبرلمان والحكومة لمناقشة واقع هذه المناطق والقرى الحدودية من جميع الجوانب واللقاء بأهلها وتجديد العلاقة معهم. وقد يكون ثقل المسؤولية كبيرا غير أن زيارة المواطنين تخفف من أعبائها خاصة إذا جاءت طبيعية وابتعدت عن الشكلية والمظاهر الزائفة.. ولا نخجل ايضاً من القول أن ما حدث في هذه المنطقة جعلنا نشعر كإعلاميين بتقصيرنا في القيام بجزء من دورنا لتسليط الضوء على ما يجري في هذه المناطق، وما زال عملنا في معظمه مكتبياً وهو ما يجعلنا متخلفين عن غيرنا وهذا موضوع آخر له قصة مختلفة.
كردستانيات: "بالكايتي"
نشر في: 12 فبراير, 2012: 08:18 م