حازم مبيضين في ظاهر الأمر فإن النظام السوري تخلى عن احتمالات التسوية كافةً، واندفع بكل ما يمتلك من قوة في تطبيق خياره الأمني, وعلى خلفية أن المعارضة, وخاصةً تلك التي في الخارج, ترفض الحوار معه وتشترط رحيله بالكامل, وهو اليوم يندفع بقسوة يعتبرها مبررةً وبكل ما يتوافر من قوة نيران لدى المؤسسة العسكرية, لإنزال أقصى وأقسى الخسائر المادية والبشرية في ألاماكن التي تشهد احتجاجات مستمرة منذ ما يقارب العام,
وفي رأي بعض معارضيه أن ذلك سيدفع حتماً إلى تعميم الحرب الداخلية, الطائفية كما ينبغي التأشير, إلى كل المناطق, رغم أن المواطن السوري العادي لم يكن بطبعه المتسامح طائفياً في يوم من الأيام.يتأتى عن ذلك أن المعنيين العرب ومعهم المجتمع الدولي, مجبرون اليوم على التخلي عن بذل أي محاولات لتسوية الأمر والخروج من المأزق الراهن بعد فقدان الأمل بإمكان تحقيق تلك التسوية, وهم هنا يحملون النظام مسؤولية الوصول إلى مرحلة يجدون فيها أنفسهم محشورين في زاوية دعم المعارضة في حربها لتغيير النظام, في ظل استمرار مأساة القتل المتصاعدة, وفي ظل قناعة النظام بعدم أهمية أن تعيش سوريا في عزلة خارجية، على الصعيدين الإقليمي والدولي، وبغض النظر عن اتساع دائرة التأييد والدعم لمناوئيه, الذين يواصل اتهامهم بالارتهان لإرادة خارجية لا تستهدف خير الشعب السوري, وفي واقع الأمر فإن طرفي المعادلة, سواء النظام أو المعارضة, باتا رهينة بيد الخارج, فالنظام يستند إلى دعم روسي إيراني لا تخفى معالمه, والمعارضة المدعومة من دول الخليج بصفة أساسية, والكثير من الدول العربية, والعواصم الغربية الوازنة في صنع القرار الدولي, وبمعنى أن قرار الطرفين مربوط خارج حدود الوطن السوري. نحن اليوم في مواجهة استحقاق تفرضه مواقف النظام والمعارضة في آن معاً, وهي مرحلة التدخل الخارجي الفعلية والمادية, بعد استنفاد فرص الحلول السياسية, وإذا كان البعض يتهم النظام بالسعي لاستدراج التدخل الخارجي الذي يستحيل فيه تكرار النموذج الليبي, وبما يعني الدخول في مرحلة اقتتال داخلي يمتلك فيها النظام القوة الأكبر, والقدرة على الحسم بغض النظر عن حجم الخسائر المادية والبشرية, ودفع المطالب الاصلاحية المحقة خطوات واسعة إلى الوراء, فان المعارضة متهمة باستدراج التدخل الخارجي العسكري, وطلب السلاح لمصلحة المنشقين عن الجيش النظامي,وبما يعني دخول بلاد الشام في مرحلة انعدام الوزن لفترة غير قصيرة. يتواصل الحراك العربي ضد النظام السوري, وقد انعقد في القاهرة أمس الأحد اجتماعان, الأول لوزراء خارجية التعاون الخليجي لتنسيق المواقف, تبعه اجتماع موسع لوزراء الخارجية العرب, وفي الأثناء تقدمت السعودية بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي هو في جوهره تكرار للمشروع الذي جوبه بفيتو مزدوج من روسيا والصين, في وقت تسعى فيه المعارضة للحصول على اعتراف عربي رسمي بتمثيلها للشعب السوري, وخصوصاً بعد تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية , وهو في الوقت عينه يبحث فكرة إقامة مجموعة اتصال دولية تحمل اسم "اصدقاء سوريا" وتلك الفكرة تحظى بتأييد ودعم فرنسي ألماني كامل, وفي المدى المنظور التجربة التي سبقت إسقاط نظام العقيد معمر القذافي, وتقف تركيا على أهبة الاستعداد للقيام بدور كبير حين الحاجة وهي تطالب المجتمع الدولي بتبني المهاجرين السوريين الفارين من دوامة العنف والقتل وصولاً إلى إقامة مناطق آمنة ستكون معقلاً للمنشقين عن الجيش النظامي.سورية اليوم على عتبة مرحلة جديدة نأمل أن لا تكون انهيار الدولة, والوطن السوري ومعه الشعب يحتاج إلى كثير من العقل والعقلاء.
في الحدث :على أي عتبة تقف سوريا
نشر في: 12 فبراير, 2012: 10:00 م