TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات: ثقافة استبدادية

كردستانيات: ثقافة استبدادية

نشر في: 13 فبراير, 2012: 09:39 م

 وديع غزوانما يؤسف له اطلاق تصريحات غير مسؤولة تتزامن مع ما يشاع عن أجواء ايجابية سادت اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر أو الاجتماع الوطني الأخير بحسب اجتهاد البعض، وإعلان ممثلي الكتل سعيهم لإيجاد مشتركات تفضي إلى حلول الأزمات التي أسهمت في تعطيل دور مجلس النواب وتأدية دوره كممثل للشعب وانعكست على مسيرة الحكومة وأصابت مؤسساتها بالشلل شبه التام، نقول في ظل بارقات الأمل البسيط، تلوح مثل هذه التصريحات وتروج أخبارا تكرس لثقافة تعصبية لا تتناسب وطبيعة مهام المرحلة الجديدة لعراق ما بعد الانسحاب الأميركي ولا تصب في الهدف النبيل الذي يفترض أن يتوجه الجميع لتحقيقه المتمثل بتضافر الجهود نحو البناء وتخليص العراق من أزماته المفتعلة التي حالت دون تحقيق نهضة تنموية يتلمس المواطن نتائجها.
ومع تقديرنا لحرية أي سياسي في التعبير عن رأيه إلا أن هذه الحرية ينبغي أن تكون مسؤولة وتنسجم وطبيعة مهام التغيير الذي شهده العراق بعد 2003 التي من ابرز دعائمها الإيمان بحقوق جميع مكونات الشعب العراقي ومن ضمنهم الكرد، لذا فلا ندري مثلاً أي غرض يخدم تصريح نشرته إحدى وسائل الإعلام ونسبته إلى مصدر من داخل التحالف الوطني يعرب فيه "عن قلق التحالف من الخطر الحقيقي الذي يكمن في اتفاقيات اللحظة الأخيرة التي قد تؤسس لاتفاقية شبه سرية كاتفاقية أربيل" وهي ليست المرة الأولى التي يتم فيها تعمد إطلاق مثل تلك التصريحات حيث سبقها تصريح نائب عبقري استبق أحداث انعقاد اجتماع اللجنة التحضيرية فقال "إن تلويح بعض الكتل السياسية من الآن باتفاقية أربيل والدعوات التي تطلقها لجعلها ضمن أولويات الاجتماع الوطني ستكون البداية لفشل الاجتماع المرتقب عقده في الفترة المقبلة".  يليه آخر يتباكى على وحدة الوطن التي تتهددها اتفاقية أربيل وتسبب تشظيه ليصفها بـ " أنها خطأ سياسي وتاريخي" ، وجهة أخرى تعلن دون خجل تخوفها  "من الشريك الكردي" وكأن هذا الشريك سبب الأزمات كلها! لسنا في معرض الرد على مثل هذه الأقاويل التي لا تصب إلا في خدمة أعداء العراق، كما أن الطرف الكردي اعتاد مثل هكذا إعلانات استعراضية، غير أننا مدفوعون  فعلاً  الى حب العراق والحرص على وحدة أرضه وشعبه، نجد الإصرار على إطلاق هذه التصريحات خطراً ينبغي عدم التسامح به كونه ينم عن عقلية متعصبة وثقافة استبدادية ولت وجلبت الويلات للشعب بكل مكوناته عندما جعلت من القوة والعنجهية الفارغة بديلاً للحوار والتفاهم واستنباط المعالجات على أساس مبدأ المواطنة الذي ينظر للجميع العربي والكردي والتركماني والايزيدي وغيرهم بمنظار واحد أساسه العدالة والتوازن بين الحقوق والواجبات . إن اخطر ما في هذا النوع من التصريحات أنها محرضة ومثيرة للفتن وتدفع إلى القلق والخوف وعدم الاطمئنان، وهي تحاول ترجيح عوامل الشك والريبة بين أبناء الوطن الواحد، كما أنها ومع الأسف تنم عن عقلية منغلقة ومنافية لأبسط مفاهيم الديمقراطية وجوهرها حقوق الإنسان، دون أن نغفل ما تشكله من تجاوز على الدستور.. مطلوب من الجميع الانتباه والحذر من تلك الدعوات وإفشالها من خلال الإصرار على مناقشة صريحة لأهم مسببات أزماتنا وفي مقدمتها المحاصصات وتأخير قانوني الانتخابات والأحزاب.. الملايين ونحن معهم ننتظر أن يتجاوز المؤتمر الوطني صيغ المناقشات السابقة التي ركزت على تقاسم المناصب ويلتفت إلى الهم العام الذي سيكون العلامة البارزة لنجاحه أو فشله .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram