كربلاء/ علي العلاوييؤكد الناقد جاسم عاصي أن الفنان المغترب بشير مهدي محتشد بالرؤى الفلسفية المتمحورة حول وجود الإنسان في حيّز العالم الضاج بالمتناقضات والمفارقات بل يشير في الأمسية التي أقامها له نادي الكتاب في كربلاء التي خصصها للحديث عن الفنان المغترب وعن جدل الوجود وفلسفته في لوحات الفنان إلى أن الغربة منحت الفنان حيزا اكبر من الإبداع حتى تحولت اللوحة إلى نص متحرك ويمنحه دفعة للقراءة السردية.
في بداية الأمسية قال مقدمها الفنان علاء مشذوب إن الناقد عاصي سيكشف لنا اليوم محطات نقدية أخرى في مسيرته من خلال غوصه الجديد في عالم الفن التشكيلي بعد أن غاص في عوالم الشعر والقصة والرواية والأسطورة كونه يشتغل على النص الثقافي عادا عاصي واحداً من النقاد والمبدعين العراقيين الذين آثروا النقد والسرد العراقي بطاقة جمالية كبيرة.بعدها تحدث الناقد عاصي عن رؤيته لوحات الفنان التي قال إن فيها اشتغال بياني مبني على خاصيتي الغياب والحضور لذلك فإن اشتغاله على ما وراء النص هو الذي قاده إلى معرفة أن الفنان مهدي يحاول أن يكسر النمط الذي لا يؤدي اليأس والغربة كونه فنانا مغتربا يعيش في هولندا منذ سنوات بعيدة لتجعله اللوحات يعيش في حالة تفاؤل رغم مرضه لذلك فان فنه محاولة لتأسيس تركة تدل على الوجود في الموجودات التي حوله من خلال الإدراك الحسي لإضفائه على الحقيقة ولذلك وبحسب عاصي فإن مهدي يثير أسئلة كثيرة في لوحاته مبنية على ثنائية الغياب والحضور أو جدلية الوجود واللاوجود بهدف الوصول إلى لحظة الإقناع وهذا يقوده هو الآخر وبحسب عاصي إلى أن يخلق معادلا بين الموت والنماء لذلك نرى دائما في اللوحات ثمة بقايا لوجود إنسان رغم غيابه عن اللوحة وان حضر فهو على شكل جمجمة ومن هذا الأفق فانه يعتمد على تأويل المتلقي الذي يريده أن يجد النماء ويشركه من داخل الخراب..ويضيف الناقد عاصي أن مهدي يتعامل مع الموجودات من باب الدلالة على مستوى فكري ــ فلسفي ، أي أنه منقاد إلى حقيقة مفادها ؛ الوجود ولا جدواه ، مقابل القسوة التي تنصّب على الإنسان بسبب الضاغط السلطوي ، سواء كان تلك السلطة معرفية أو اجتماعية . وهنا تلعب الذاكرة دوراً في عقد المقارنة بين مكانين ، أو زمنين متباعدين ، فهو يعاني من علاقة تجريد مع الواقع ، وعلاقة ذات محمولات من كثافة القسوة والعنف. فالأمكنة هي إما مغادّرة، أو الآخر الذي مازال مستقرا فيه. هذا المتعلق هو الذي يوحي للإنسان الفنان في اللوحة بأن تتراءى له الصور السالبة لإرادته ووجوده بل يؤكد على محتويات اللوحة في نصه التشكيلي ذي صفة متحركة بمعنى يمنح المحتوى سردية بحيث يكون المشهد ذا دافع للقراءة الحرة ذات المستويات المتعددة في التأويل . وهذا بطبيعة الحال ينطوي على حيوية وفعالية إنتاجية تعكسها اللوحة، مختتما محاضرته عن الفنان بشير بقوله..في كل ما تقدم من قراءة بصرية لمنتـَج الفنان التشكيلي ، يُظهر لنا حيوية العمق التي يتمثل الفكر وجدليته بمنطق فلسفي ، يعمل على إحقاق الوجود للإنسان المغيّب دائماً والحاضر في العمق والرؤى وهو غير مسرف بالخيال بقدر ما وظـّفه لصالح تلك الجدلية والمنطق الفلسفي الذي يؤكد بطبيعة الحال أن لكل الموجودات في ذاتها محركات تنشط في حالة هيمنة المحاولات لتغييبها.وشهدت الأمسية العديد من المداخلات شارك فيها الكاتب والإعلامي ناظم السعود والروائي علي لفة سعيد والكاتب علي الخفاف والشاعر المصري رفعت المنوفي والكاتب مهدي النعيمي والفنان إبراهيم حسين.
تجربة الفنان بشير مهدي في نادي الكتّاب
نشر في: 14 فبراير, 2012: 07:25 م