 بغداد/ وائل نعمةاليوم الأول من كل شهر، قائمة طويلة تنتظر تحرير مفرداتها من على ظهر الورقة السمراء مقطعة الأطراف .... يجلس موظف متكئ على كرسي دوار قدمه مكسور ويهتز مع تمايل جسده البدين على سطحه، الإيجار طبعا في سلم أولويات الورقة المعدة منذ أيام،
 ومن ثم تأتي تباعا نفقات الأطفال في المدارس ، والصغيرة التي أصبحت شابة وطلباتها من ملابس ثمينة تليق بجامعة بغداد والمبالغة في الإكسسوارات ترد في وسط قائمة احتياجات الشهر... بالطبع يحلم "سعد"  بأن يسقط من سقف بيته الرطب مالا بدل أجزاء "البياض" المبلل من زخة المطر الأخيرة ، ليسد به الديون وتراكم أجور المولدة، وانزعاج أبو محمد صاحب الأسواق في بداية الشارع الذي يلتقيه كل يوم وسلامه يصبح ثقيلا يوما بعد آخر، وكأنه سيصاب بجلطة دماغية!بيان مصرفي الرشيد والرافدين اللذين تسلمت "المدى" نسخة منه حول شروط وتعليمات صرف سلفة الإسكان التي تسمى سلفة الـ 100 راتب حددت ألا تزيد السلفة على 50 مليون دينار للموظفين المستمرين بالخدمة على الملاك الدائم دون درجة مدير عام  و100 راتب اسمي لا يزيد مجموعها على 100 مليون دينار للدرجات الخاصة من مدير عام فما فوق ، وأضاف البيان أن مدة القرض ستكون 10 سنوات، والفائدة 8 في المئة سنوياً، مع تقديم ضمان عقاري بعد فترة إمهال لمدة ستة أشهر، ويرهن العقار لمصلحة المصرف رهناً تأمينياً من الدرجة الأولى على أن يقدم كفيلاً وسنداً عند الطلب قبل وضع القرض تحت تصرفه ولحين تقديم الضمانة العقارية المشار إليها، فضلا عن شرط آخر نص على  أن يكون الموظف المستفيد لديه خدمة فعلية لمدة 5 سنوات.rnأصحاب المقام الرفيع بالتأكيد لم يكن الموظف سعد من ذوي الدرجات الخاصة ، وان كان أمضى عشرين عاما في عمله بوزارة (.....) دون أن يكون من أصحاب المقام الرفيع ممن يأتون ويختفون بعد ملء كروشهم من الوزير "الحجي" أو من (ابن عمهم من ديرتهم )! ... مستوى الفقر في العراق وحسب تقديرات بعثة الأمم المتحدة الأخيرة الى العراق تصل لـ30% ، فيما يرى مراقبون أن الأعداد اكثر من ذلك بكثير. تسرب خبر الراتب المضروب في مئة إلى كل أسماع الموظفين في وزارتنا المتخومة بالموظفين والفائضين عن العمل ولبعض الكسالى أيضا ممن يقضون ساعات الدوام بالحديث عن أسرار العاملين ولعب الورق على الحاسبات.  "حينما صدقت الأقوال عن وجود سلفة مئة راتب قررت فورا أن اسعي للحصول عليها "، ويضيف سعد " لم أكن أفكر بغير منزل صغير يرحمني من 400 ألف دينار إيجار شهري".rnورقة شروط السلفة تفاجأ جميع الموظفين بمدى صعوبة الشروط التي وضعتها وزارة المالية للحصول على السلفة، "كمن يريد أن يعطينا ولا يعطينا"! تعبير استخدمته إحدى الموظفات من زميلات سعد حينما أمسكت بورقة شروط السلفة المقدمة من المصارف الحكومية، وقالت حنان ماجد  "أنا أرملة ولدي طفلتان وراتبي في أحسن الأحوال يصل إلى 500 الف دينار مع التخصيصات، اقل من نصفه يذهب للإيجار والباقي لاحتياجات البيت" ، وترى حنان أن سلفة الـ100 راتب على الرغم من أنها مخصصة للسكن إلا أن شروطها غير معقولة لاسيما في ما يخص فترة سداد السلفة التي حددت بعشر سنوات فقط ، مطالبة بتمديد الفترة إلى سنوات أطول لكي يستطيع الموظف السيطرة على مصاريفه الخاصة وقسط السلفة.معظم من تقدم للحصول على السلفة يحلمون بالتخلص من كابوس الإيجار، لاسيما ان العراق يعاني من أزمة في قطاع السكن ، كما أعلن ذلك صندوق الامم المتحدة للسكان أن النقص في إعداد المساكن في العراق يصل إلى مليون ونصف المليون وحدة، محذرا من تدهور الأوضاع في الأعوام المقبلة نظرا لاستمرار الهجرة إلى المدينة. وأوضح الصندوق المتخصص بالتطوير المدني في تقريره حول العراق للأعوام الثلاثة المقبلة أن عدد المساكن المتوفرة يبلغ 2.8 مليون في حين يصل العجز إلى ما لا يقل عن 1.5 مليون منزل، بينما يعيش أكثر من نصف سكان المناطق الحضرية بالعراق في أحياء فقيرة. وأوضح الصندوق ان النقص في المساكن قد يتحول الى مشكلة نظرا لاحتمال مضاعفة أعداد سكان المدن بحلول العام 2030، وتشير وزارة التخطيط  الى ان العجز في الوحدات السكنية يرتفع، مشيرة إلى أن انهيار البنى التحتية والخدمات الأساسية يأتي نتيجة أعوام من الحروب والإهمال وغياب الاستثمار الكفوء. وكانت وزارة الإعمار والإسكان  قد وضعت خطة شاملة وإستراتيجية للأربع سنوات القادمة، تتضمن محاور عدة أهمها الإسراع في انجاز المشاريع التي هي قيد التنفيذ وكذلك وضع حجر الأساس لمشاريع جديدة. وتؤكد الوزارة أيضا  أن العراق بحاجة الى أكثر من (1،5) مليون وحدة سكنية وقد تحركت الوزارة لغرض حل هذه الأزمة على محاور عدة منها محور الأرض حيث تسعى لاستملاك الأراضي التابعة للدولة لغرض استغلالها في بناء مجمعات سكنية كما تحركت لإيجاد مصادر ممولة جديدة لبناء وحدات سكنية وتمويل مشاريع إسكانية جديدة مع استمرار صندوق الإسكان في منح القروض إلى الموظفين لغرض بناء وحدات سكنية