حسين عبدالرازقبصرف النظر عن مدي نجاح الدعوة للإضراب يوم السبت الماضي، فقد كشفت الدعوة والمواقف المختلفة منها عن وجود خلافات في وجهات النظر بين الأحزاب والقوي السياسية والاجتماعية، لا تقف عند حدود التقديرات المختلفة للأوضاع داخل البلد وإيجابيات وسلبيات الإضراب، ولكنها تمتد إلي ما يمكن أن نعتبره صراعا وانحيازا طبقيا.
فالذين دعوا للإضراب «أو العصيان المدني» أو أيدوه وقرروا المشاركة فيه، هي أحزاب اليسار «حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي - وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي - والحزب الشيوعي المصري - والحزب الاشتراكي المصري» ومعهم من يصنفون أنفسهم كيسار تروتسكي «الاشتراكيون الثوريون» وبعض الأحزاب الوسطية «حزب غد الثورة - وحزب العدل»، وكذلك الحركات والتحالفات الثورية والتي يمكن تصنيف كثير منها كيسار بالمعني العام للكلمة (حركة 6 أبريل - ائتلاف شباب الثورة - اتحاد شباب الثورة - شباب الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي - شباب حزب الجبهة - تحالف القوي الثورية - ثورة الغضب الثانية - شباب من أجل العدالة والحرية - تحالف الثورة مستمرة - المبادرة الوطنية لحماية الثورة.. إلخ».وتحددت مطالبهم التي من أجلها تمت الدعوة للإضراب في عشرة مطالب هي:- التسريع بانتخابات الرئاسة «قبل الدستور» وتسليم السلطة للمدنيين.- عودة القوات المسلحة إلي ثكناتها.- إقرار قانون لمحاكمة المتورطين في قتل الثوار منذ قيام الثورة في 25 يناير 2011 وحتي مذبحة بورسعيد، سواء كانوا من القوات المسلحة أو الشرطة، وأيا كانت مناصبهم.- تشكيل حكومة إنقاذ وطني ثورية تدير المرحلة الانتقالية منذ فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة، بعيدا عن الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011.- إقرار قانون إعادة هيكلة وزارتي الداخلية والإعلام.- عدم تضمين الدستور المقبل أو إقرار أي قوانين تمنح أي امتيازات للمجلس الأعلي للقوات المسلحة.- إقرار قانون محاكمة الوزراء.- إقرار قانون لتحديد الحدين الأقصي والأدني للأجور والحد الأدني للمعاشات.- تثبيت العمالة المؤقتة وضمان حقوقها في عمل مستقر وضمانات اجتماعية ملائمة.- ضم أموال الصناديق الخاصة إلي الموازنة العامة للدولة.بالمقابل فقد وقف ضد الدعوة للإضراب قوي سياسية تنتمي للنظام القديم «الذي مازال قائما رغم خلع رئيسه وبعض معاونيه» وقوي سياسية يمينية وممثلو الفئات الرأسمالية.فالقوي السياسية التي عارضت «الإضراب» تشمل «المجلس الأعلي للقوات المسلحة» الذي هدد وحذر ونشر المدرعات في استعراض للقوة ووجه الاتهام وربط الدعوة بقوي خارجية، ورئيس مجلس الوزراء «د. كمال الجنزوري» ووزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي ووزير الإعلام، والأحزاب والقوي الإسلامية بدءا بحزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي والجماعة السلفية والجماعة الإسلامية، ونقابة الأشراف وقادة التيار السلفي، وحزب الوفد والأحزاب اليمينية التي خرجت من رحم الحزب الوطني المنحل، كحزب المواطن المصري وحزب مصر الحديثة وحزب مصر القومي.بينما اتخذ حزب الوسط موقفا وسطيا قائما علي عدم المشاركة في الإضراب، مع تأكيده علي وطنية الداعين والمشاركين في الإضراب، وتشديده علي أن «أي نوع من الاحتجاجات السلمية هو حق لكل شعوب العالم التي تتمتع بالحرية وتعيش في ظل حكم ديمقراطي، خاصة عندما يكون الشعب يطالب بمطالب مشروعة تتعلق باستكمال مطالب ثورة شعبية من أعظم ثورات العالم..».ولكن الإضافة المهمة لموقف الرافضين للإضراب، هي المعارضة الحادة من اتحاد الصناعات المصرية وغرفة الصناعة وجمعية مستثمري 6 أكتوبر والاتحاد العام للغرف التجارية.. أي ممثلو الرأسمالية المصرية.ولم تتجاوز الأسباب التي استندوا إليها في رفضهم للإضراب، القول بأن الدعوة للإضراب «هي دعوة للفوضي» وأضراره ستكون أكثر بكثير من فوائده، ويشكل «تهديدا للاقتصاد الوطني الذي يعاني مشكلات جمة تحتاج إلي تكاتف الجميع من أجل التغلب عليها».ويرد علي هذا القول الباحث وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية «سامر سليمان» مؤكدا أن «أي إضراب بالتأكيد سيكلف خسائر اقتصادية، ولكن نحن نحتاج للتضحية ببعض الخسائر لتحقيق إنجاز أهم.. فالخراب الاقتصادي الذي نعاني منه حاليا يعود لأسباب سياسية، ولن نتمكن من تحقيق أي إنجاز اقتصادي يصلح هذا الخراب دون إصلاح للدولة، وهو ما يحتاج بدوره إلي وسيلة ضغط قوية».ولنتذكر معا الشعار الذي رفعته الأحزاب والحركات العمالية والطلابية.. «الإضراب مشروع مشروع.. ضد الفقر وضد الجوع».
الإضراب.. مشروع مشروع
نشر في: 14 فبراير, 2012: 08:04 م