TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > من أجل أن لا يكون مستقبلها كحاضرها..المرأة العراقية تقاوم التغييب

من أجل أن لا يكون مستقبلها كحاضرها..المرأة العراقية تقاوم التغييب

نشر في: 14 فبراير, 2012: 08:04 م

احمد عبد الحسينهذه الورقة سوف تقرأ في الندوة التي ستقيمها "المدى" في الساعة الحادية عشرة صباحاً من يوم السبت المقبل المصادف الثامن عشر من الشهر الجاري، بمشاركة نخبة الباحثات والباحثين في شؤون المرأة.الندوة التي ستعقد في مبنى الجريدة، تحت عنوان "من أجل أن لا يكون مستقبلها كحاضرها"
 مخصصة للبحث في وضع المرأة العراقية اليوم خاصة في ظلّ التصريحات الرسمية الأخيرة التي تعمّق خوفنا مما يحمله المستقبل للمرأة التي تحملت طويلاً وزر أخطاء وخطايا الساسة وحروبهم العبثية. كما تأتي لبحث القلق المتزايد الذي أطلقته توصيات "لجنة النهوض بالمرأة" والقاضية بفرض زيّ معيّن على المرأة، إمعاناً في تقييد حريتها المقيدة سلفاً.تأسستْ الدولة العراقية الحديثة بغياب المرأة، وجرتْ انقلابات وخيضتْ حروب بغيابها، وتحطمت هذه الدولة واحتُلتْ وجرى بعثها بمشقةٍ وبشكل مشكوك فيه، ويراد للمرأة أن تكون غائبة عن ذلك كله.لم تكن المرأة صاحبة قرار، وإذا استثنينا  امتياز العراق الوحيد في كونه أول دولة عربية تستوزر امرأة "هي نزيهة الدليمي نهاية الخمسينات" فإن العراق كان دولة ذكورية بامتياز، بسبب نمط الحكم الذي جعل من الدولة كلها أشبه بثكنة عسكرية مستعدة أبداً لخوض حروب داخلية وخارجية أو لقمع فتن واحتجاجات. وفي الثكنة العسكرية ليس للنساء عادة إلا الدور التقليديّ المتمثل في شدّ أزر المحاربين والسهر على راحتهم وتعداد أبنائهنّ من مات منهم ومن بقي، والحزن المديد العميق الذي يجب عليهنّ كتمانه.ليست الدولة ـ الثكنة هي السبب الأوحد لتغييب المرأة، وإنْ كان هو السبب الأرأس، هناك أيضاً أنماط التديّن الرسمي والشعبيّ على السواء، التي فعلتْ فعلها في وضع المرأة داخل إطارٍ من العسير كسره أو الخروج منه، أطار لم تصنعه تشريعات دينية فحسب، بل أعمق من ذلك،  فقد كان مصنوعاً من أمثولات و"حكم" وشواهد نثرية وشعرية تورد موارد المسلّمات، وهي ذات مفاعيل أخطر بكثير من بعض تفسيرات أو الموادّ الفقهية، لأن هذه الأمثولات سرتْ في الجسد الاجتماعيّ سريان النار في الهشيم، مترددة على كل لسان حتى باتت ذات سمة وثوقية لا يرقى إليها الشكّ، فالعبارات التي تتحدث عن نقصان المرأة إيماناً وعقلاً وحظاً، ظلتْ صامدة وشغالة حتى مع توفّر أمثلة لنساء أثبتن بهتان المقولة التي نُسبتْ طوراً إلى الرسول وطوراً آخر إلى الإمام عليّ وأطواراً أخرى كانت تلقى هكذا بوصفها حكمة مجهولة القائل.وإذا كان التديّن الشعبيّ والرسميّ قد شوّه صورة المرأة، يعضّده تراث شفويّ مكوّن من أمثولات زائفة، فإن العُرف كان أقوى من الجميع، والعرف مستقى من اجتماع التديّن بالطبيعة القبلية التي تحكم العراق، وهي طبيعة ما إن تخفتْ في آن حتى يعاد استنهاضها من قبل القوى الحاكمة، فجميعنا يعرف أن القبلية شهدت فترتي انحسار، الأولى بعد ثورة تموز 1958، والثانية في سبعينيات القرن الماضي، وكلتاهما حدثتا بسبب امتداد نفوذ اليسار السياسيّ في المجتمع العراقيّ، لكنْ لم يقيّض لكلتا المرحلتين أن تأخذا مداهما  كاملاً، انقلاب شباط 1963 أجهز على حزمة مكاسب حققتها المرأة في العهد الجمهوريّ الأول، فيما تكفلتْ سلطة البعث ذات الثقافة الملفقة من ممالأة للدين وعشائريةٍ وبداوة وعسكرتاريا صارخة، بتبديد كلّ أمل في التخفيف من عُرف طالما كان يقف موقفاً عدائياً تجاه قضايا التحرر بعامة وحرية المرأة على الخصوص.الديكتاتورية والحروب الكثيرة التي خاضها العراق أخرست كل الأصوات المطالبة بإنصاف المرأة قانونياً واجتماعياً، كانت السلطات منشغلة بأمور أهم من "قضية ثانوية" كهذه، انشغال السلطات سمح لتراجع القانون أمام سلطات العرف والقبلية التي ملأت الفراغ بقوانينها الخاصة. وكان ذلك كله يتم بعلم الدولة ورضاها، الأمر الذي بلغ ذروته في سنوات الحصار وإعلان "الحملة الإيمانية" التي شهدتْ تحالفاً بين السلطة وقوى الارتكاس الديني، وفي تحالف كهذا كانت المرأة أكبر الخاسرين، ضحية لجرائم "غسل العار" أو ضحية لجشع أثرياء ومتنفذين استغلوا الوضع الاقتصادي المزري، فهي أصبحتْ إحدى اثنتين: إما عاراً يتوجب غسله أو جارية تباع بسعر بخس في سوق نخاسة.المرأة الغائبة "بل المغيّبة قسراً" عن صنع القرار، كانت ضحية قرارات الرجال الذين يخوضون الحروب وينتهجون العنف، لكنّ القسوة تتمثل في أن هذه الحروب كانتْ تخاض باسمها "دفاعاً عن شرف العراقية الماجدة"، فكما أن الرجل وضع شرفه كله في عهدة المرأة وخيّرها بين الحفاظ عليه أو القتل، فقد حمّلتْ السلطات المرأة وزر هذه الحروب بجعلها أيقونة لها. كأنما لم يستطع الرجل حمل مسؤولية شرفه الشخصيّ ولم تستطع الدولة تحمّل مسؤولية إشعالها الحرب، ألقي ذلك كله على عاتق المرأة العراقية التي وجدتْ نفسها مسؤولة عن عائلتها في غياب الزوج أو الأبناء، ومحاصرة بنظام حديديّ مصمم لاستعبادها، نظام هو نتاج خبرة قرون من العسف والازدراء.بعد الزلزال العراقيّ عام 2003 المحمّل بوعود الديمقراطية والدولة المدنية، شهدنا انفراجاً نسبياً في وضع حق المرأة، على الأقل في البُنى الفوقية ك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram