كتابة ورسم عدنان أبو زيد طنطاوي ظل العسكر، يأبى مغادرة المستنقع السياسي، في ظل إيمان البدلة الكاكية المصرية بأن نياشين جمال عبد الناصر تشرع لها وراثة السلطة منذ ثورة 23 يوليو العام 1952، والتفريط بها ليس عدلا. وربما كان لعسكر مصر أسوة بأتاتورك الترك، ديمقراطية تحت خيمهم التي ستكون فضفاضة تتسع للجميع ولا تسمح بالخرق.غير أن مصر أثبتت إلى الآن أنها ( غيْر ). فالمظاهرات لم تهدأ، والانقسام يهدد البلاد، في ظل مسار تغيير بطيء يبقي الجنرالات لأطول وقت.
البدلات الكاكيةسنة مرت على الإطاحة بمبارك انتهت بمحاولة إضراب عام لقهر البدلات الكاكية إجباري على الرحيل الفوري. لكن الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية سيأخذ وقتاً ، هكذا يعلن العسكر في مناورة، والجنرالات اليوم في مناورة، بين إسلاميين يتمتعون بنفوذ كبير باتوا اكثر محاباة للعسكر على عكس المتوقع، وليبراليين ويساريين ونقابات مستقلة ترى أن الجنرالات يسعون للبقاء. وبعد عام على التغيير، فان تفكك النظام مثار جدل، فثمة من يرى في العسكر آلة في ماكنة النظام القديم، ويسعى آخرون الى اعتباره مؤسسة مستقلة ساهمت في الإطاحة بمبارك.وصايةلكن سعي المجلس العسكري الحاكم لتسليم السلطة لرئيس منتخب بحلول منتصف العام، يرافقه قلق من وصاية العسكر. واذا لم تلجم هذه الإرادة اليوم، فلا يمكن ذلك غدا إذا ما برد الجمر تحت الرماد. والخلاصة برأي مصريين يائسين هي:احتشاد الآلاف في ميدان التحرير لإنهاء حكم مبارك أسفر عنه شبح عسكري كان الاداة الطيعة للرئيس المخلوع طيلة ثلاثة عقود.. انه طنطاوي. وصفه مصري بأنه بطل السأم، وصنو مبارك. ومُجْبِر لا بطل ولا جبّار، حين أيد المتظاهرين. وحيث أن معنى اسم طنطاوى، مشتق من السمو، وهو العلو والرفعة، فإن المشير يدرك ان صفة الاسم هذه، يعكرها كره شعبي لرموز النظام السابق على رغم محاولته النأي بنفسه عنها.مجساتمد المشير طيلة الفترة الماضية مجسات تراقب المشاعر، فكان الأمر محبطا، بعدما ضاقت الناس ذرعا، ولعل هذا اضطره لان يصرح بأنه سيتقاعد بعد انتهاء مهمة تسليم السلطة في هدوء، نافيا نية الترشح للرئاسة.حدود الشعاراتاضطراب الشارع إلى الان، الجم تطرف إسلاميين، واندفاع يساريين، وطموح عسكر.فليس من اسلامي سيبقى عند حدود شعاراته، ولا يساري سيهرول بذات النفس، ولا جيش سيجرأ على تقديم مرشح عسكري للرئاسة، في ظل هيجان شعبي غير منضبط لا تحكمه قواعد ولا يقوده اتجاه.النوبي الغامضطنطاوي النوبي، والبسيط، والغامض، والزجاجي الملامح، الحاكم العسكري والقائد العام للقوات المسلحة، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، على وشك ان يتوارى، بعد حياة حافلة بتفاصيل الحرب والسياسة، فقد درس في الكلية الحربية وشارك في حرب 1967 وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973. وكل تلك التفاصيل في أيام طنطاوي كانت عادية حتى لحظات الحرب.لكن الموقف الذي لم يكن مستعدا له يوما هو الغاء حالة الطوارئ في مصر بتاريخ 25 يناير 2012. هي لحظة دقت مسمارا أخيرا في نعش النظام الديناصوري.طنطاوي.. من جيل يتصور نفسه الأقدر تاريخيا على قيادة شعب مصاب بمرضٍ مستعصٍ، وعلاجه على يد العسكر يحتاج إلى زمن طويلٍ.
اسم وموقف :طنطاوي.. مُجْبَر لا بطل
نشر في: 14 فبراير, 2012: 10:18 م