سرمد الطائي ائتلاف دولة القانون يفكر جديا اليوم بالانتخابات المقبلة، وبالبصرة. ذلك ان المرء في اللحظات العصيبة يحاول العودة الى امجاد الماضي، يتحسس ذكراها الدافئة، ويهرب الى تفاصيلها الحميمة من راهنه المحتشد بالمشاكل. وكما يقول السياب في تصوير مريض مقعد يحاول استرجاع صور مشرقة من الماضي "ألست الراكض العداء بالأمس الذي سلفا؟
" محاولا استعادة ذكرى جميلة من الامس لمداواة جراح اليوم ووعكاته.. وهذا ما يحصل مع ائتلاف دولة القانون الذي ضرب خيامه في البصرة موئل فرسانه الذين "صالوا" قبل 4 اعوام بمعونة الجنرال الاسمر لويد اوستن واعادوا جزءا من هيبة الدولة الى مدينة عبثت بها الميليشيات طويلا.ومن المقرر ان تنتهي ولاية مجالس المحافظات واعضاء الحكومات المحلية مطلع العام المقبل، ويفترض ان تجري انتخابات جديدة. ورئيس الوزراء قلق حيال فقدان مكاسب كبيرة حصل عليها في الاقتراع الماضي. ذلك ان ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه حكم 8 محافظات دون تحقيق منجز واضح فيها، والتصاعد المنطقي للاحداث يقول ان اهالي المحافظات وخاصة البصرة، سيعاقبون حلفاء المالكي في الحكومات المحلية الذي ظلت بلا انجاز.المالكي وسط تكاسل منافسيه او ترقبهم او ترددهم، هو اول من بادر الى اطلاق ماراثون مجالس المحافظات عبر عقده اجتماع الحكومة الاعتيادي في البصرة. والغرض ليس مجرد استعداد لاقتراع محلي، بل محاولة البحث عن منجز الامس او ما تبقى منه، بعد اعوام من الانسداد السياسي وغياب المنجزات الكبيرة.صولة الفرسان كانت البصرة مسرحا لها، وشرق بغداد تتمتها المنطقية، وصحوات الانبار نصرها الموازي، ومنذ ذلك التاريخ والمالكي بلا منجز جديد. وكما يقول النائب السابق لرئيس الجمهورية عادل عبد المهدي فإن الصولة والصحوة، كانتا سبب صعود المالكي السريع الذي جعل السنة يتعاطفون معه بقدر الشيعة، وقرب منه امزجة العلمانيين واليساريين ايضا. لكنه اكتشف ان المنجزات ليست خيارا سهلا مطروحا على الطاولة، وانها لا تتكرر بسهولة. هذا سبب الصعود فكيف السبيل الى البقاء في الاعلى؟لقد اشترى محطات كهرباء بـ5 مليارات دولار لكنها لن تكتمل قبل 3 سنين، حاول ان ينظف شوارع بغداد والبصرة بشركات تركية لكنه لم يفلح، اعتقل 3 آلاف بعثي خلال يومين فلم يجد صدى بحجم نجاح انتخابي. اراد حل الملف السوري فتبخر كل شيء. انتظر انعقاد قمة العرب في بغداد بلا جدوى. قال انه مفاوض عراقي ناجح انتصر واخرج الامريكان من البلاد، فلم يصدقه احد. راح يطرق باب طارق الهاشمي لكن "الشغلة صارت قديمة". بأي منجز اذن سيذهب نحو الانتخابات المحلية؟ هل سيأخذ معه الانسداد السياسي ويذهب نحو طريق مسدود؟ كيف يقنع الناس بأن لا تضجر منه او تمل؟انه لا يدري، لكن يبدو لي ان مستشارا شرقيا طلب منه ان يسترخي مع ذكريات صولة الفرسان قرب شط العرب، وينسى فشل المناوشات العبثية في بغداد، وان يحاول تقليد احمدي نجاد الرئيس الايراني الذي يقوم بـ"سفره هاي اوستاني" اي جولات في المحافظات الايرانية، كلما اقتربت الانتخابات، ويعقد في كل محافظة اجتماعا لمجلس وزرائه، ويمنح القروض والهبات، محاولا صناعة منجز يقنع الناس بأن وقت الضجر من نجاد لم يحل بعد، وانه "مازال يشتغل".وهكذا سنشهد "سفره هاي اوستاني" عديدة للمالكي، لكن المشكلة ليست هنا. فرجل دولة بارز بدا واثقا مما يقول، يؤكد لي ان المالكي سيفعل المستحيل لإلغاء الانتخابات بمجرد ان يشعر انه لن يكون الاول فيها.. اما اذا خاض انتخابات وخرج بالمرتبة الثانية فالله يستر من غضبه ونصائح مستشاريه.سنظل نتابع اخبار السلطان، اما المالكي الحزين من غياب المنجز، فسيظل يدندن على ايقاعات الخشابة، ملحمة "منزل الاقنان" للشاعر البصراوي بدر شاكر السياب، وخاصة قوله لنفسه "ألست الراكض العداء بالأمس الذي سلفا؟".rn
عالم آخر :ماراثون المحافظات: ألست الراكض العداء؟
نشر في: 14 فبراير, 2012: 10:49 م