الوداع للحقائب المدرسية الثقيلة وليحيا الآي باد، هكذا عبرت نيكول أونغ، ابنة الثلاثة عشر ربيعاً، عن سعادتها لإدخال الأجهزة اللوحية الرقمية في حياة الطلاب، محدثة ثورة فيها. وفي حين يبدي الطلاب سعادتهم لما أضافته هذه الثورة من تغييرات إيجابية في حياتهم الدراسية، وأهمها الراحة من حمل الكتب والدفاتر والقرطاسية، يدعو بعض الأساتذة إلى توخي الحذر، ويقولون إن ادخال التكنولوجيا الحديثة في التعليم سينمو حتماً،
لكن الأهم هو وضع منهج جيد وأساليب تعليمية تشجع على التفكير. في عصرنا الحالي يكبر الأطفال اليوم مع التكنولوجيا الجديدة، يستفيدون من الأحدث منها في اللحظة نفسها التي تطرح فيها في الأسواق، وغالباً قبل ذويهم. وتحاول بعض المدارس استخدام التقنيات التكنولوجية في الفصول الدراسية، خصوصاً في دول آسيا الأكثر تقدماً، ومن بينها سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية، التي باتت تنافس الولايات المتحدة، حيث رأت الإنترنت «النور» وأوروبا. فبالنسبة لنيكول ورفيقاتها في مدرسة نانيانغ للفتيات التي تعتبر الأكثر اكتظاظاً في سنغافورة، اختفت الكتب المدرسية والدفاتر، أو تكاد. فدروسهن وفروضهن محفوظة في الجهاز اللوحي الصغير، الذي زودتهن به المدرسة منذ مطلع العام الدراسي، وقالت المراهقة: أحب آي باد، لأنه لم يعد علينا أن نحمل حقائب محشوة بالكتب والدفاتر.مدرسة المستقبلفي اليابان، أطلقت الحكومة مشروعاً تجريبياً لـ «مدرسة المستقبل» يسمح للطلاب بالقيام بواجباتهم على الشاشة الصغيرة، التي تعمل باللمس، بينما يقدم المعلم درسه بواسطة لوح إلكتروني تفاعلي. وتعتبر كوريا الجنوبية إحدى الدول الأكثر حماساً للتكنولوجيا. هناك، المدارس مجهزة بنطاقات «واي فاي»، كما تمت برمجة الكتب المدرسية على شكل أجهزة لوحية منذ 2007. وإذا أتت الاختبارات مقنعة، فقد تقرر الحكومة في 2012 ضم جميع التلاميذ إلى العالم الرقمي، على ما أعلن مسؤول في وزارة التربية. وقال سام هان وهو خبير في التعليم المعلوماتي ومقره نيويورك إن الإنترنت رأت النور في الولايات المتحدة، لكن دولاً مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية قطعت أشواطاً كبيرة في مجال البنى التحتية الرقمية. وتسعى سنغافورة إلى احتلال أحد المراكز الأولى بغية الظهور كمقصد تعليمي استثنائي، وبالتالي منافسة المدارس والجامعات المرموقة في أوروبا أو الولايات المتحدة، كما قال.تدريب هيئة التدريسوتم تكييف أغلبية المدرسين المأسورين بالعديد من التطبيقات التربوية المتاحة على آي باد منذ إطلاقه في 2010. وقال سيه هوي يونغ المدرس في نانيانغ إن التعليم لم يعد موجهاً من قبل الأستاذ فحسب، والعلاقات باتت أكثر تفاعلية بين الطلاب. ومنذ يناير الماضي زودت هذه المدرسة 120 تلميذاً و16 مدرساً بأجهزة لوحية من آبل، لقاء 130 ألف دولار سنغافوري (نحو 105 آلاف دولار)، على أن يتم تزويد الصفوف المتبقية تدريجياً بهذه التقنية بحلول 2013. ولم يواجه أستاذ العلوم في مدرسة تامبين رينيه ييوو أي متاعب، وهو يعلم طلابه أن ينقروا على الجهاز ليكتشفوا مثلاً أسرار تكوين الدماغ أو الحمض النووي الريبي «دي إن آيه».محاذير ونصائحلكن ثمة أساتذة يدعون إلى توخي الحذر، مشيرين إلى أن الطلاب قد يميلون إلى تصفح الإنترنت خلال الحصص الدراسية أو خلال المراجعات، فيخرجون من الصفحات التعليمية لتصفح مواقع ألعاب أو مواقع تواصل اجتماعي. وقال المتخصص في علم النفس الخبير في الشؤون التربوية كيو لين إن إدخال التكنولوجيا الحديثة في التعليم سينمو حتماً، لكن الأهم هو وضع منهج جيد وأساليب تعليمية تشجع على التفكير.ضحك ولعب .. وجدٌّ في مدرسة «سعياً إلى التعلم» في نيويورك، تتضمن الدروس اليومية اللعب وتصميم ألعاب الفيديو. الأطفال يتعلمون عن طريق اللعب أن يخلقون عالمهم الخاص عن طريق تحرير المقالات الخاصة بالشبكات الاجتماعية الخاصة بهم. طريقة التعليم هذه تتيح لهم الانتقال إلى مرحلة أعلى من دون تنافس عن طريق الدرجات، لقد تم تدريب المعلمين على أن تكون التكنولوجيا والذكاء طريقة لتعليم الأطفال. يعمل مصممو الألعاب مع المدرسين لتصميم ألعاب علمية خاصة بكل مرحلة دراسية. الأطفال يعملون معاً لإيجاد حلول لها. في مدرسة كهذه، حيث لا يوجد حد فاصل وواضح بين المتعة والتعلم لا يوجد غياب في بداية الأسبوع لأسباب مرضية. الروبوت لتعليم الإنكليزية القول إن المدرس كالإنسان الآلي (الروبوت) ليس بالأمر المقبول عادة، لكن في كوريا الجنوبية الأمر مختلف تماماً، فالروبوت هو نفسه أستاذ اللغة الإنكليزية. فبسبب الحاجة المتزايدة لتعلم الإنكليزية اضطرت كوريا الجنوبية إلى الاستعانة بالروبوتات لسد النقص الكبير في عدد المعلمين المختصين. ففي مدينة دايغو (جنوب شرق)، على سبيل المثال، جهزت الحكومة الكورية الجنوبية عشرين مدرسة ببرامج لتعليم اللغة الإنكليزية يتولاها مدرسون روبوت، ويديرهم متخصصون فلبينيون. خلال الدرس، بإمكان المدرس الفلبيني رؤية وسماع الأطفال مباشرة من الفلبين. وبإمكان الإنسان الآلي (إكي) أن يعمل مستقلاً أيضاً، إنه مزود بنظام يتيح له التدخل مباشرة مع الأطفال. مشجعو التعليم بهذه الطريقة يعتقدون أنها طريقة إيجابية تعطي فرصة أكبر لمشاركة الأطفال في الصف.«السبورة بيضاء&a
أطفال يكبرون مع سباق التكنولوجيا
نشر في: 15 فبراير, 2012: 07:23 م