أ.د.قاسم حسين صالح الآن،وقد هدأت الانفعالات واستقرت النفوس،وعاد الـ (17 أو 18)مليون زائر لكربلاء في أربعينية الإمام الحسين إلى مدنهم وبلدانهم،نتساءل: ما الذي قلناه بحيث يتعرض الكاتب،بتعبير عزيز الحاج "لحملة تخويف وتهديد وتشهير واتهامات كبيرة وواسعة ردّا على دراسة له عن الزيارات المليونية؟" لقد قلنا الآتي بالنص:*"وبدءاً..أنا أجلّ الأئمة والأولياء من مختلف المذاهب،لأن بينهم من رفع السيف بشجاعة نادرة بوجه الحاكم الظالم وقتل شهيداً...
وأقبّل أيادي كلّ عمامة موقرة ولحية مباركة تجد حلاّ لمحنة العراق والعراقيين". إننا نريد للإمام الحسين أن يكون رمزا إنسانيا لمقارعة الظلم أينما وحيثما وجد ومثالا للنزاهة وقدوة للناس والحكّام..وأن تكون الزيارة خالصة لوجهه الكريم واقتداءً بمبادئه وأخلاقه النبيلة..وأولها السلطة. وختمنا الدراسة:إننا نريد لمناسبتي استشهاد الإمام الحسين وأربعينيته أن تشيع في الناس القيم النبيلة الراقية والمثل الإنسانية والمواقف المبدئية الشجاعة التي تنتصر للحق وتصرخ بوجه الباطل ليكون كلّ عراقي حسينا في السياسة والأخلاق والدين وأسلوب الحياة،فبه نعيد بناء وطن يليق بالحسين وكلّ من استشهد من أجل الوطن والناس.وفي تحليلنا الأسباب السيكولوجية التي جعلت أعداد هذه الزيارات بالملايين،قلنا: إن الشيعة عانوا المظلومية وإن هذه الزيارات تأتي لتقول للآخرين:إننا هاهنا موجودون ولن يستطيع طاغية إفناءنا،وإننا نتكاثر بالملايين..وإننا أصبحنا قوة عالمية يجب أن نحظى بالتقدير والاحترام...وتحليلات سيكولوجية أخرى.كان هذا بعض ما قلناه وقد نحّاه المهددون جانبا،لسببين سيكولوجيين،الأول: أن إدراك المتطرف يجبره على ألا يرى الجانب الايجابي في المقابل لأنه ( أحول عقل).. يرى ويضخّم فقط الجانب السلبي.والثاني: أن لدى كلّ إنسان قدرة نفسية داخلية على التمييز بين الأفكار والمشاعر،فالذي يتمتع بها تكون استجابته للمواقف عقلانية (تغليب الفكر)،ومن لا يتمتع بها تكون استجابته انفعالية( تغليب المشاعر).وتضيف الدراسات العلمية بأن هذا الصنف من الناس(المهددون) يتبعون عواطفهم واندفاعاتهم،ويشعرون بالكراهية نحو من يخالفهم الرأي،ويعدونه (مستفزا)..جارحا لمشاعرهم يجب أن يردّ عليه بعنف..ولا يشعرون بالذنب حتى لو كان ردّهم قاسيا،لأن الضمير الأخلاقي لحظتها يكون قد توقف عندهم.ولقد تحريت في الدراسة عما يعدّه المهددون سلبيا أو جارحا أو يمس مشاعرهم أو معتقداتهم فوجدتها في ما أظنه في الآتي: إن بعض الذين شاركوا في هذه الزيارات رووا للكاتب أن الطعام والماء والخيام والتسهيلات الأخرى مؤمّنة للملايين.فوجبة الفطور:صمون وأجبان مثلّثات وبيض مسلوق وعلب حليب وبسكويت وكيك دائري(جرك) وشاي.ووجبة الغداء..رز في (بلم بلاستك)وقيمة وفاصوليا وتمن برياني عليه قطعة لحم وخبز وخضراوات وبرتقال وموز. ووجبة العشاء:لفّات فلافل وشيش كباب وسلطة وبيض مسلوق.والأكل بوجباته الثلاث نظيف جدأ..والكعك والعصائر والشاي وخلطة من التمر والراشي والسمسم متوافرة طوال اليوم.فلو افترضنا أن ثمن هذه الوجبات الثلاث للفرد الواحد هو عشرون ألف دينار،فكم يكون المبلغ لخمسة عشر مليون زائر؟..بالمليارات طبعا،وليوم واحد..ولك أن تضاعف هذه المليارات بعدد أيام الزيارة..فمن هو مصدر،أو مصادر، هذه الأموال الطائلة؟لقد أفاد عدد من الزائرين أن أحد المصادر العلنية هو الأحزاب الإسلامية السياسية الموجودة في السلطة(باستثناء التيار الصدري)..وأن هنالك تنافسا في ما بينها لكسب أكبر عدد من الزائرين في عملية الهدف منها سياسي أكثر منه ديني.ولقد ردّ كثيرون بأن لا دخل للأحزاب الإسلامية السياسية في التمويل ولا علاقة للحكومة في ذلك،وإنما هي تبرعات من التجار..وتعليقنا على ذلك:نعم إن التجار ومحبي الحسين ساهموا في ذلك،ولكن ليس بما يغّطي تكاليفها بالمليارات،وأن الحكومة نفسها اعترفت بأن تغطية زيارة الأربعينية لهذه السنة كانت بحدود 50 مليارا.ويبدو أن الذي أغاظهم،قولنا: لو أن مليارات من هذه المليارات أنفقت في بناء مستشفيات أو مدارس أو رعاية ملايين الأيتام والأرامل أما كان هذا أثوب وأعظم أجرا؟ ولو أن الحاجات الخدمية والحياتية مؤمّنة لهذه الجماهير المليونية.. وأن التغيير لم يفرز فئتين:قلّة تسلمت السلطة وتنعمت وترفهت،وكثرة مطلقة ازدادت فقرا وتعاسة..*وأن الأحزاب الإسلامية السياسية توقفت عن تقديم الطعام والشراب والخيام وصرف المليارات على هذه الزيارات.. ولو أن التوعية الدينية توظّف للتثقيف بالمبادئ الإنسانية لثورة الإمام الحسين في مقارعة الظلم وتحقيق العدالة الاجتماعية والقيم الراقية...فهل يبقى هذا الزحف بالملايين في زيارة العاشر من محرم وأربعينية الإمام الحسين ؟.أعني أن تكون الزيارة خالصة لوجهه الكريم ومنزّهة من أغراض سياسية وحاجات نفسية وطلبات بتحقيق أمنيات هي في حقيقتها أمنيات بائسين ومحرومين وليست أمنيات شعب يريد أن يبني وطنا..فهل تبقى بحجم الـ (17) مليونا؟. وغاظهم قولنا: لو أن الحسين خرج الآن شاهرا سيفه من أجل معالجة حال الشباب الذين تزيد نسبة البطالة بينهم أضعاف ما هي عليه في البلدان العربية، وإصلاح حال سلطة صار الع
الزيارات المليونية مرّة أخرى..تساؤلات مشروعة عن التهديد والوعيد
نشر في: 17 فبراير, 2012: 10:20 م