TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > تاريخ اضطهاد النساء وثقافة المجتمعات..البطرياركية - المجتمع الأبوي..

تاريخ اضطهاد النساء وثقافة المجتمعات..البطرياركية - المجتمع الأبوي..

نشر في: 19 فبراير, 2012: 07:16 م

لطفية الدليميالقسم الثانيذكرت في خاتمة الجزء الأول من هذه الدراسة أن هناك حشدا من العناصر التي أسهمت في تكوين ثقافة مجتمعات معينة ورسخت  التمييز ضد المرأة  وفي مقدمتها  البطرياركية و(الجينو فوبيا)والاقتصاد الريعي-فالبطرياركية تولد الخوف من المرأة (الجينوفوبيا) و(الاقتصاد الريعي) يعزز(البطرياركية)
 ويضعف الديمقراطية ويناقض الحريات، وبذا تتكون لدينا سلسلة مترابطة من العناصر تفرض التمييز المفرط ضد النساء  وتنمو من خلالها قوى مضادة للحريات تعمل - على تحطيم عرى المشاركة بين الرجال والنساء وتحول دون امتلاك النساء لحقوقهن الإنسانية التي أقرتها الدساتير الحديثة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. بقايا المجتمع الأمومي  فندت الدراسات الانثروبولوجية والتاريخية الحديثة - النظرية القائلة بأسبقية النظام الباترياركي على النظام الأمومي، فمن خلال تقصي مكانة الأنثى وقيم الأنوثة والأمومة في المجتمعات القديمة أثبتت هذه الدراسات  بأن أول النظم الاجتماعية كان أمومياً وهذا ما يفسر ظاهرة انتساب الأبناء  إلى الأم أو ما كان يسمى (حق الأم) وقد ترتبت عليه علاقات وحقوق ومفاهيم  أخرى كثيرة كالإرث على نحو ما تعارف عليه المجتمع الأمومي..ولا تزال هناك بقايا من المجتمعات الأمومية فعلى سبيل المثال  توجد أقلية عرقية مسلمة في اندونيسيا تسمى (مينانغ كابو) تعيش في سومطرة الغربية، وبرغم أن الإسلام يقوم على النظام الأبوي وتوقير الذكر إلا أن هذه المجموعة تتبنى النظام الأمومي وتنتقل الوراثة لديها من الأم لإبنتها، فالأم تمتلك كل ما يعود للأسرة من أملاك وثروات وهي تورثها لبناتها، ويرى علماء الانثروبولوجي أن هذه المجموعة العرقية تعد من أوسع المجتمعات التي تتبنى النظام الأمومي راهناً، ووفق تقاليد هذه المجموعة فإن الرجل عندما يتزوج فانه ينتقل إلى منزل زوجته ولكن كافة القرارات التي تخص الأسرة الجديدة تكون باتفاق الزوج والزوجة ولا ينفرد أحدهما بالقرار.. يقول رئيس لجنة العلوم الاجتماعية في أكاديمية العلوم الاندونيسية (النساء هن صلة الوصل بين الماضي والحاضر، وهذه المجموعة العرقية تشكل نسبة 3% من سكان اندونيسيا وهي تواصل الحفاظ على تقليدها الاجتماعي وتدين بدين الإسلام ولا يرى أفرادها تعارضا بين الدين الإسلامي وبين نظامها الاجتماعي، فالقيادة الدينية والسياسية للرجال، بينما تكون القيادة الاقتصادية والعائلية وتعليم الأولاد  وتدبير الميزانية للمرأة، ويتقاسم الجنسان اتخاذ القرارات بالتصويت في الأمور العامة ولا يمر أي قرار في هذا المجتمع  ما لم توافق عليه النساء حصرا، وتوجد أشباه هذه المجتمعات في القبائل المعزولة وبقايا هذا النظام مشهود لها في مجتمع  الطوارق حيث  لا تزال النساء يتسيدن  مفاصل العلاقة الاجتماعية ولا يعترف الطوارقي بموضوعة تفوق الرجال على النساء وما زال الرأي الأول يعود إلى المرأة في مجتمعات الإسلام الطوارقي  في زواجها حتى من خارج عشيرتها، وفي تسيير شؤون أسرتها وأبنائها، وهي محترمة في زواجها مثلما هو الأمر في طلاقها، أو عند ترملها، فأبناؤها بعد الطلاق، كما عند وفاة الزوج – يعودون إلى عشيرتها وبعض الطوارق يقيم حفلاً خاصاً لتكريم المطلقة منهم، يأتيها فيه بالهدايا). وحرية المرأة في أعرافهم مضمونة إلى حد كبير من قبل المجتمع، قبل الزواج وبعده، فالفتاة الطوارقية تتمتع بجميع المزايا التي يتمتع بها الفتى الطوارقي، بل لعل تعليمها متقدم على تعليمه، وهي فخورة بتراث أجدادها وتشعر بأنها مسؤولة عن المحافظة على قيمه المادية والرمزية، وعن تمريره إلى أبنائها وبناتها من بعدها، والطوارق كافة يعتقدون أن صفات النبل والشرف تنتقل عبر النساء لا عبر الرجال، لذا هم محافظون في إسلامهم - وخاصة في العائلات المرموقة - على أن ينسبوا أبناءهم دائماً إلى أمهاتهم، ولا يرون في ذلك عيباً أو تعارضاً مع القيم الدينية، بل يعتقدون أن الإسلام كرم الأم وقدمها على الأب عندما اشترط رضاها على أبنائها حتى يكون ثوابهم خيراً.  محسن التليلي في كتابه (ظاهرة الإسلام البدوي- الطوارق أنموذجا – دار الطليعة) ويكاد يكون تعدد الزوجات معدوما في مجتمع الطوارق بل مذموم ومنبوذ رغم إباحته في التشريع الإسلامي وتبقى مكانة المرأة والرجل لديهم متوازنة في حدود أعرافهم الموروثة..rnالنظام الأبوي البطرياركياستخدمت العديد من أنظمة الاستبداد فكرة "الامتياز الإلهي" ولا تزال معظم النظم الاستبدادية المعاصرة تعلن ذلك مما يعني أن الدولة المعاصرة الاستبدادية لم تختلف كثيراً عن سلطة وسطوة القبيلة في المجتمعات البدائية، حيث هيمنة الشيخ أو الزعيم  الذي يدعي  تخويله من السماء وانه أحق من سواه بالحكم - ليس لكفاءته- بل لأنه المختار والحامل بعضا من قداسة موروثة، وهذا النظام  يبيح للرئيس - الأب - البطرك أن يمتلك كل شيء بدءاً من الأراضي  وثرواتها  والناس وأرواحهم  وفي المقدمة امتلاكه للنساء والتصرف بمصائرهن زواجا أو منحهن للعدو (ديّة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram