د. معتز محي عبد الحميد الرامي الماهر يصيب الهدف من أول رمية، وبذلك يختصر الوقت ويخفض التكلفة ويقلل المجهود، ولكن لكي يصبح الواحد منّا راميا ماهرا فانه يحتاج إلى فترة ليست بالقصيرة من التدريب على الرماية والإلمام بقواعد اللعبة واختيار السلاح المناسب ومعرفة ميكانيكية السلاح والتحسب للظروف الجوية وما إلى ذلك، بل انه ومع توفر كل الظروف قد لا يصبح رجل الأمن راميا يشار إليه بالبنان ما لم تتوفر فيه بعض الصفات والقدرات الخلقية والجسمية كهدوء الأعصاب وقوة البصر والشغف بالرماية..
إن أداء المهمة بالشكل السليم من أول محاولة، أو تنفيذ المهمة دون خطأ يعد احد أهم الأهداف التي ترمي إليها أنظمة الجودة سواء أكانت هذه المهمة عملاً ينفذ أو إجراء يتبع أو منتجا يستهلك ... فالجودة في المفهوم الإداري ليست هدفا في حد ذاته ، وكثيرا ما يخطئ البعض بالتعبير عن ذلك بالقول : إننا بصدد الوصول إلى الجودة، لأن الجودة ما هي إلا وسيلة لتحقيق هدف ما، فالأعمال والعلوم والتخصصات والصناعات، وجدت قبل أنظمة الجودة.. تعتمد نظرية الجودة الحديثة على مبدأ التحسين المستمر في الأداء لانجاز المهمة التي ترضي العميل من الرمية الأولى، فالقبض على اللص من أول جريمة يرتكبها وضبط المخدرات قبل انتشارها وإحباط عمليات الإرهاب قبل وقوعها وإدانة المتهم من أول محاكمة هي من التوقعات التي ينتظرها المجتمع والأهداف التي تطمح إليها الأجهزة الأمنية ، إلا أن العاملين في الاجهزة الأمنية يدركون ان ذلك ليس بالأمر اليسير، فالجريمة في طبيعتها متغيرة وتتأثر بالمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتقنية والتشريعية وهذا ما يحتم الاستمرارية في تغيير الأساليب الشرطية في التعامل معها، وهذه بدورها تتطلب خبرات طويلة مبنية على الخلفيات السابقة للواقع الإجرامي والتوقعات المستقبلية من خلال المؤشرات الحالية للجريمة. مما سبق ذكره يتبين أن هناك محورين رئيسين لتحديد جودة العمل المطلوب هما؛ نوعية العمل أو المهمة، وكفاءة القائم بتنفيذ المهمة، ولا شك أن توفير التدريبات والإمكانات يسهم في تنفيذ المهام لأن الرامي الجيد لن يستطيع إصابة الهدف دون سلاح ، ويجب ألا ننسى أن الإنسان هو محور تنفيذ المهمة، لذا يجب التعرف على حقيقة المهمة او فلسفة العمل المراد تنفيذه ونختار الشخص المناسب له ... ومن المعروف ان هدف الاجهزة الامنية يتركز في ضبط المجرمين والعمل على الحد من الجريمة ... ومن هذا الهدف تتفرع مهام فرعية حسب طبيعة الإدارة والأقسام وهذه بدورها تتفرع الى اعمال أكثر تخصصية ، تختلف فيها مقاييس الكفاءة باختلاف المهمات ، وهذا يعود بنا مرة أخرى الى التعريف الحقيقي للمهمة .. فقبل أن ننشغل بإصابة الهدف من الرمية الأولى يجب ان نتعرف على الهدف عن قرب ونحدد الرامي المناسب ونوفر له السلاح والوقت .. واختيار الرجل المناسب لقيادة المهمة الأمنية.
تحت المجهر: الرجل المناسب.. للمهمة الأمنية
نشر في: 19 فبراير, 2012: 10:18 م