 سرمد الطائي إنها أمريكا العظمى. وهذا هو السفير جيمس جيفري وطاقمه المهذب، يستقبلوننا كي نسأل ويجيب هو. الأصدقاء ليسوا مجرد صحفيين، بل هم ناشطون مدنيون ينتمون لـ"أقلية علمانية" تخشى أن يأخذها مد الطوائف المتصارعة وتلتف حول عنقها رايات المتحاربين. كانوا لا يطرحون مجرد أسئلة بل مرافعات عن معنى الديمقراطية والربيع العربي. الزميلة غادة العاملي وزياد العجيلي ونبيل جاسم، يسألون:
 لماذا لا نسمع لكم رد فعل على إجراءات وزيرة المرأة، وعلى انتهاكات الديمقراطية، وعلى اعتقالات الصحفيين؟ السفير الذي أمضى سنوات طويلة يمثل بلاده في تركيا يقول ببساطة: لقد كنت في أنقرة، وكان أمثال غادة العاملي التي ترتدي الحجاب، يمنعون من دخول الجامعات.. إلا بعد خلع الحجاب. ولدى واشنطن وجهة نظر ضد هذا، لكننا قررنا ألا نتدخل.. ان نترك المجتمع يصوغ سجالاته الداخلية ويناضل من اجل التحضر.. اليوم المحجبات يدخلن الجامعة في تركيا.. وهذا هو النضال المطلوب في العراق دون تدخل من أمريكا!يسهب السفير في حديثه عن مساعدات المجتمع الدولي لا أمريكا وحدها للعراق، ويتحدث بزهو عن مساهمة بلاده بمقدار 70 في المئة من جهود تطوير الإنتاج في حقول النفط. وان العراق يمتلك تجارة بأربعين مليار دولار مع جيرانه والاتحاد الأوربي. وان أمريكا تساعد العراق بملياري دولار، تدريبا واستخبارات ودعما لوجستيا، وانها ستدعمه بمثلها العام المقبل برغم كل ظروف الأزمة المالية التي تعصف بعواصم البلدان العظمى.. يقول ان اهم برامج المساعدة الامريكية في العالم لم يحظ بها سوى بلدين: ألمانيا الخمسينات وعراق القرن الحادي والعشرين.. برغم اننا لا نلمس ذلك. يقول ان الامور وصلت حد ان واشنطن بعثت بفريق جراحين الى النجف للقاء المرجع الاعلى علي السيستاني، رافضا ان يوضح سبب تلك الزيارة وملابساتها.اما انا فلم اكن تلك اللحظة ناشطا ولا متحمسا لشيء، فقد كنت صحفيا والتزمت بوعد مع الغاضب الأزلي والموسوعي علي حسين، بقصة خبرية متواضعة صباح الأحد، لكنني طرحت أسئلة كثيرة على السفير وظلت بلا جواب. سألته: قادتنا الأمنيون يقولون إن أمريكا كانت تقوم بسبعين ساعة طيران لمراقبة حدودنا مع سوريا، وحين انسحبت عجز العراق عن توفير اكثر من ثلاث ساعات طيران، ما يعني ان الحدود بلا مراقبة حاليا لانها فقدت 67 ساعة من اصل 70.. ألا تقلقون من هذا الفراغ؟ اجاب السفير: سنة 2014 سنسلم العراق طائرات اف 16 يمكنها ان تسد اي فراغ. قلت له: طيب حتى ذلك التاريخ من الذي يراقب السماء الفاصلة بين إسرائيل وإيران؟ قال: آخر مرة رأيت فيها الخارطة لم تكن إسرائيل على حدود العراق. سألت: طيب، أليس لديك قلق بشأن عدم وجود طائرات في سمائنا تراقب الأجواء، ام انكم تقومون بمساعدتنا في السر دون ان ندري وهذا امر يسرني بالتأكيد؟ فقال انه يفضل ألا يجيب عن هذا السؤال، لكنه راح يؤكد ان الحدود السورية العراقية تعادل حدود امريكا مع المكسيك، وان الجيش العراقي يراقبها افضل من مراقبة الجيش الامريكي لحدوده مع الجار المكسيكي.اصبت بخيبة امل وانا اخرج من دار السفير بلا معلومات وافية. بينما خرجت منه المرة السابقة قبل ستة شهور بمانشيت حلو يقول: أقود سيارتي بنفسي في البصرة وأحاور الصدريين منذ عام 2005. لكن الصديق عدنان الطائي يقول لي: لا تبتئس. فقد حاورته يوم كان حاكما، اما بعد انسحاب الجيش فهو مجرد سفير يلتزم بالدبلوماسية.لكن السفير لم يتركنا نخرج خالي الوفاض. قال: منذ 1945 ونحن نساعد عشرات الدول على التحول الديمقراطي. بعض الدول ترسخت لديه تقاليد تداول السلطة والانفتاح السياسي مثل كوريا الجنوبية، وبعضها عاد دكتاتوريا مثل فنزويلا وكوبا.. وامام العراق خياران، سيئول او هافانا. وانا اردد مع السفير، ان امام نوري المالكي خياران، سيئول التي تنتج سامسونغ، او هافانا التي تستبد بشعبها على طريقة القرون الوسطى. والله كريم.