TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > التوجّه الإسلامي للمجتمع والدولة وقضايا النوع الاجتماعي

التوجّه الإسلامي للمجتمع والدولة وقضايا النوع الاجتماعي

نشر في: 20 فبراير, 2012: 08:26 م

د.أسماء جميل رشيد لعل من أهم سمات المرحلة التي يمر بها المجتمع العراقي اليوم هو الحضور المكثف للقوى المحافظة ممثلة بالدين والطائفية والقبائلية  وتعاظم دورها كعوامل تتحكم بحياة الأفراد بشكل يفوق ما كانت عليه قبل فترات كمونها المؤقت في المراحل السابقة ، وبروز هذه القوى بهذا الشكل يعني كما يقول عبد الله الغذامي  خروج المكنون إلى العلن سياسيا  وثقافيا ومعتقديا وسلوكيا يقابله تراجع للمعاني الكبرى في المثاليات والحرية والمساواة .
 وقد أثرت الطائفية والقبائلية كمنظومات ذهنية وسلوكية على وضع المرأة في المجالات العامة والخاصة . فالمنظومتان تمتلكان انساقا مشتركة من الرؤية والتفكير في ما يتعلق بالمرأة بوصفها حارسة للهوية وجسدها بوصفه(مناطاً للشرف والعفة) . ومنذ تسعينات القرن الماضي أصبح الإسلام ملمحا مركزيا في كل خطاب يدور حول قضايا النوع الاجتماعي سواء كان رسميا أم غير رسمي ما وفر أرضية مناسبة للكثير من الممارسات التي تهدف إلى تقييد اكبر لحريات النساء يرافقه تنزيل في المكانة . وتهيئة المرأة ذاتها لقبول حالة اللامساواة وتقييد الحرية من خلال ستراتيجية تهدف  إلى إعدادها وتهيئتها وفق تربية إسلامية بحيث تجعل المرأة ذاتها تدعو إلى رفض مساواتها بالرجل والى عزلها وحجبها بحجاب مرئي وغير مرئي إذ جرت عملية تأطير أفكارها ورؤاها بشكل يضمن قبولها للقمع ويسهل فاعلية السلطة والهيمنة عليها.وقد لعب الإسلام السياسي كجماعة مهيمنة بعد عام 2003 دورا مهما في تكريس عملية تهيئة النساء وإعدادهن للقبول الطوعي بالهيمنة فأكثر من 150  منظمة نسائية إسلامية تدعمها أحزاب الإسلام السياسي تعمل في كافة أنحاء العراق غايتها إحداث تغيير ثقافي حقيقي يساعد على تهيئة وتجهيز الواقع لنجاح المشروع السياسي للمنظمات الإسلامية في بناء دولة إسلامية . تكرست نشاطات هذه الجمعيات في نشر الحجاب والترويج له عبر مجالس التبليغ أوفعاليات واحتفالات تقام في المدارس الابتدائية تحت عنوان تتويج الفتيات في سن التكليف الذي يبلغ 9 سنوات وقد يصل عدد المتوجات سنويا من قبل واحدة من هذه المنظمات  في بغداد وحدها إلى 1000مكلفة  أي طفلة بعمر 9  سنوات ، وترفض هذه الجمعيات مفهوم المساواة  مابين الجنسين باعتباره مفهوما غريبا لامكان له في الإسلام ووضعت بدلا منه مفهوم تكاملية حقوق  الجنسين وواجباتهما الذي تتبناه الناشطات الإسلاميات في العراق ويعني أن تفاوت الحقوق والواجبات الذي أوصت به القوانين الإسلامية هو جوهر العدالة الإلهية وينسجم مع قانون الطبيعة الذي يجسد ما رسمه الله للرجال والنساء في المجتمع  كما تبنت ناشطات أخريات مصطلح العدالة بديلا عن مفهوم المساواة وهو مصطلح ظهرت الدعوة إليه أثناء الإعداد لمؤتمر بيجين عام 1995ويركز على تأكيد حصول المرأة على الحقوق التي لا تتساوى بالضرورة مع حقوق الرجل دون أن تخضع هذه الحقوق إلى شكل من أشكال التراتبية  وهذا الجزء الأخير بعيد عن إدراك  الناشطات الإسلاميات في العراق .  إذ أصبحت اللامساواة لديهن مطلبا يتم التعبير عنه مرارا ليس فقط بالدعوة إلى رفضه والترويج للمفاهيم البديلة بل من خلال التظاهرات أيضا كما حدث في صيف 2005  عندما اعتصمت مجموعة من الناشطات النسويات في ساحة الفردوس مطالبات بمساواة المرأة بالرجل داخل الدستور وتصدت لهذه الفعالية تظاهرة نسائية لتجمعات دينية تحمل لافتة لا للمساواة ، لتكن بمثابة الموقف الرسمي لفئة معتبرة من جماهير النساء حول مساواتهن بالرجل.لاقت  طروحات الإسلام السياسي المتعلقة بالمرأة القبول وتم احتضانها جماهيريا بسبب التهديد الذي خلقه انتشار مفاهيم حقوق المرأة بعد 2003 لدى الجماعات المحلية ذات القاعدة الثقافية التقليدية والموجهة من قبل رجال الدين والتي تنظر إلى هذه المفاهيم على أنها أفكار مستوردة ترتبط بدول يعاديها  الإسلام و تهدد وحدة العائلة وتدفع المرأة إلى التمرد والمعصية وان هناك ضرورة لمواجهة هذه الأفكار بجمعيات إسلامية نسائية تعمل على بث القيم الإسلامية. والى جانب الإسلام السياسي بقواه وأذرعه التنظيمية كان الإسلام المتطرف يمارس تضييقا قاسيا على حركة النساء ولباسهن في المناطق ذات البنى العشائرية رغم مدينيتها الظاهرية . فظهرت دعوات إلى الفصل ما بين الجنسين في الجامعات والمعاهد والمؤسسات  وقد تحقق ذلك في جامعات الجنوب ،وفرض الحجاب على المرأة الذي تحول الآن إلى دعوات لتصحيح  الحجاب تنتشر في بوسترات كبيرة معلقة في شوارع مدينة الكاظمية . وقد ألزمت النساء بأزياء جديدة مغالية في الحشمة تكشف عن ظهور منظومة مركبة عشائرية-دينية تهدف إلى السيطرة على جنس المرأة وعلى حركتها كجزء من سياسات فرض الهوية الجماعية. فالعباءة والقفازات والجوارب السميكة هي إضافات ذات أبعاد تحيل إلى منظومة مركبة عشائرية دينية أكثر من كونها إسلامية، بدليل أن هذا الزي يختلف بشكل كبير عن زي النموذج النسوي الإيراني الذي لا تدعمه العشيرة وتعزز نفوذه على المرأة بسبب مدينية المجتمع وغياب العشيرة فيه. ومنذ عام2003اصبح الحجاب في جنوب العراق وغربه ومدن الغيتوهات العشائرية في مدينة بغداد مثل الثورة والشعلة هو الزي التقليدي والشائع للمراة وهو المالوف اما

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram