حاورها في لندن: عدنان حسين أحمدحوراء إياد النداوي قاصة وروائية عراقية من مواليد بغداد 1984. تعرّض والداها للسجن بعد بضعة أشهر من ولادتها فاضطرت وهي، الرضيعة آنذاك، الى أن تقضي قرابة عام ونصف العام مع والدتها في سجون النظام المباد.
أُخلي سبيلهم في العام 1986 حينما شملهم العفو العام كونهم من ذوي الأحكام الخاصة. وخشية من أن يُزج بهم في السجن ثانية غادروا العراق عام 1991 واستقر بهم المقام في الدنمارك حيث بدأت تتلقى تعليمها في المدارس الدنماركية، أما اللغة العربية التي بدأت تكتب بها نتاجاتها الإبداعية لاحقاً فقد تعلّمتها في المنزل بمساعدة والديها اللذين يجيدان أكثر من لغة. انتقلت مع أسرتها إلى لندن عام 2006، حيث تدرس اللسانيات، وتطمح لأن تتخصص باللغة العربية في المستقبل القريب. صدرت روايتها الأولى التي تحمل عنوان (تحت سماء كوبنهاغن) عام 2010، وقد رُشحت ضمن القائمة الطويلة لجائزة البُوكَر للرواية العربية. ونظراً لأهمية هذه الرواية التي أثارت جدلاً واسعاً بين أوساط المثقفين العراقيين على وجه التحديد ارتأينا أن نحاورها في شكل ومضمون هذه الرواية، ونستجلي أبعاد تجربتها الفنية والحياتية في آنٍ معاً. وفيما يأتي نص الحوار:rn*ما حدود إفادتك من سيرتكِ الذاتية والأُسرية، وهل وظّفتِ جانباً منها في سياق عملك الروائي الأول (تحت سماء كوبنهاغن)؟- كان العمل مرتكزاً على محيطي الشخصي، لكنه لم يكن سيرة ذاتية، بمعنى سرد أحداث شخصية صرفة. فالأحداث والشخصيات لا تمتّ لي ولأسرتي بصلة، لكنها كانت مستلهمة من مشاهداتي ومتابعتي لمجتمعنا الصغير في كوبنهاغن آنذاك. وأنا لم أكن لأخجل من ذكر الحقيقة لو كان العمل بالفعل سيرتي الشخصية، لكنه ليس كذلك.rn*لم تعتمدي كلياً على البنية السردية التقليدية، بل راهنتِ على تحطيمها في موضعين في الأقل، لقاء الشخصية الرئيسية هدى برافد أول مرة، وتقديم النهاية قبل أوانها. ما الذي حفزّك على هذه المغامرة؟-الذي حفّزني هو عدم اهتمامي بكل ما هو تقليدي و معتاد. لا أميل بطبيعتي للصور النمطية في أي شيء، وأرفض أن أُختزل في إطار كهذا. وانعكس هذا على كتابتي كما يبدو، وكان بإمكاني مثلاً جعل شخصية البطل صورة كغيرها من الشخصيات التي ترسمها لنا البطلة، لكنني آثرت صوته على صورته ليغدو سرده متداخلاً مع سردها. أمّا تداخل الأحداث والماضي بالحاضر فكان كلعبة "البزل" وشكّل لي تكنيكاً ممتعاً في الكتابة. ثم أنني أثق تماماً بأن القارئ لن يترك الكتاب حتى وإن افتضحت النهاية في المنتصف، لأنني أعتمد على ذكائه لا عاطفته وحاجته إلى نهاية يركن بعدها الكتاب مطمئناً.rn*يشكِّل الدين هاجساً أساسياً في نصكِ الروائي (تحت سماء كوبنهاغن)، ما المعطيات الفكرية التي دفعتها صوب التشدد والالتزام بالمظاهر الدينية الخارجية في الأقل؟- التشبث المفاجئ بمظاهر الدين لدى الأُسَر غير المتدينة في الأساس كان يلفت نظري غالباً في دول الاغتراب. أظن أنّ الخوف من الآخر هو العامل الأساس لذلك، لاسيما وأنك تتعامل مع مجتمع لا يعترف بالتابو، فإذا كان مجتمعك الذي خلفته في بلدك الأصلي يجبرك أنت وأولادك على الفضيلة فإن المجتمع الغربي ولاسيما الإسكندنافي يبيح لك كل شيء وتقييمه للفضيلة مختلف عن تقييمك. إن التشبث بالدين بكل ما يفرضه من التزامات ومحرمّات سيضمن لهذا المغترب القلِق من الانصهار التزاماً بقيم معينة تدور في فلك هذا التابو الشرقي، حتى وإن كان الإيمان به غير حقيقي في أساسه. وسيساعده دائماً لكي يتذكر اختلافه عن المجتمع الذي يعيش فيه، ويتربى أولاده في مدارسه، ويتحدث بلغته ويفكر بطريقته. rn*رُشحت روايتك الأولى للقائمة الطويلة لجائزة البُوكر العربية، كيف تلقيت هذا النبأ المُفرح، وما هي الإشارات السريّة التي بثّها في أعماقكِ وأنت تتلقين هذا الخبر الذي ينطوي على كثير من الدهشة والمفاجأة والترقّب؟- (تحت سماء كوبنهاغن) هي الرواية الأولى لي، كنت أعتبرها تدريباً على الكتابة لاسيما وأن حافزي كان بريئاً من كل هدف. حين شرعت فيها لم يكن في ذهني غير الكتابة حسب. يمكنني القول بأنني اختبرت معها ما يختبره الكُتّاب عادة بعد نشر عدة كتب. فقد نالت الكثير من المطالعة والعرض والنقد، ورُشحت لجائزة مهمة، وبيعت حقوقها للترجمة إلى الدنماركية. وأنا سعيدة بكل هذا، لكن فرحتي هادئة. ربما ما حققته الرواية من نجاح بات يدفعني لطموحات مختلفة الآن. rn*كيف تقيّمينَ القراءات النقدية لعملك الروائي الأول الذي لفت الأنظار، وكيف تتعاملين مع القراءات السلبية التي لا تستبطن الرواية وتغوص في تفاصيلها الدقيقة؟- القراءات السلبية كانت تتناولني غالباً بشكل شخصي وتسقط بعض الشخصيات في الرواية عليّ وهذا أمر غير مهني بتاتاً، لذلك لم أكن لأعيرها الكثير من الاهتمام. أمّا النقد فهو قليل مقارنةً بما كُتب عن الرواية. فما كُتب كان في أغلبه استعراضاً لمحتوى الرواية ومديحاً لمتعة الكاتب أثناء قراءته والقليل من هذه الكتابات غاص في تحليلات نقدية جادة وأظن السبب يعود إلى تشوِّه فكرة النقد لدى الكثيرين أو لأنهم ببساطة كانوا يقد
حوراء النداوي: فرحتي هادئة، وروايتي الأولى ليست سيرة ذاتية
نشر في: 21 فبراير, 2012: 07:28 م